[مطويات دار الحديث]
ـ[ماهر]ــــــــ[22 - 06 - 04, 05:39 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تعلم العلم
الحمد لله المبتدئ بالنعم بارئ النسم، وناشر الرمم، ورازق الأمم، الذي علمنا ما لم نكن نعلم، وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى آله الطيبين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
وبعد: فالعلم مفتاح كل خير، وهو الوسيلة إلى أداء ما أوجب الله، وترك ما حرم الله، فإن العمل نتيجةً للعلم لمن وفقه الله، وهو ممّا يؤكد العزم على كل خير، فلا إيمان، ولا عمل، ولا كفاح، ولا جهاد، إلا بالعلم.
أخي المسلم: إنّ أفضل العلم هو العلم بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله، فالعلم نور والجهل ظلمات، وفي فضل العلم والعلماء، قال الله تعالى (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً)، (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ)، (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)،
(إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ).
وقال صلى الله عليه وسلم: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) (متفق عليه)، و ((من سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنّة)) (رواه مسلم)، وقال: ((من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع)) (رواه الترمذي).
فأين أنت من هذا الفضل العظيم والثواب الجسيم. فيا من تقاعست عن طلب العلم، وآثرت الدنيا على الآخرة، عليك بالعلم الشرعي، فبه صفاء القلوب، وبه تنار الدروب، وبه تسمو الأمّة، واعلم أنّ الحياة خيال سار ودقائق وثوان، وأنها زائلة لا محالة، والعمر مهما طال فلا بدَّ له من نهاية، فإن الله قد جعل لكل إنسان في هذه الحياة الفانية أنفاساً محدودة وساعات محدودة عند انقضائها تقف دقات قلبه ويُطوى سجله ويُحال بينه وبين هذه الدار، أما إلى دار أنس وبهجة، وإما إلى دار شقاء ووحشة، فلا يبقى للإنسان إلاّ أشياء ثلاثة من ضمنها ((علم ينتفع به)).
آداب طالب العلم: لمّا كان العلم هو عبادة القلب، وسر حياته وموطن قوته، كان لزاماً على طالبه أن يُحَصِّل آدابه، وأن يسعى جاهداً مشمّراً في اكتسابها، وإلاّ سار مشرِّقاً وسار العلم مُغرِّباً، فمن أهم ما يلزم طالب العلم من آداب:
1 - إخلاص النِّية في طلب العلم: قال تعالى (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين)
، وقال صلى الله عليه وسلم: ((إنّما الأعمال بالنيِّات …))، فلا يكون طلبه إلاّ لله وحده، يبتغي عنده الرضوان، ويرجو لديه الثواب، لا ليرتفع به في أعين النّاس، ويعلو به فوق أعناقهم، ويركب به أكتافهم.
2 - إجهاد النّفس على العمل بمقتضى العلم: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ)، وقال عليه الصلاة والسلام:
((يُجاء بالرجل يوم القيامة فيُلقى في النار، فتندلق به أقتابه فيدور بها في النار كما يدور الحمار برحاه فيطيف به أهل النار فيقولون: يا فلان ما أصابك؟ ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ فيقول: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه … وأنهاكم عن المنكر وآتيه)) (رواه البخاري ومسلم). وقال الخطيب: ((ثم إني موصيك يا طالب العلم بإخلاص النيّة في طلبه، وإجهاد النّفس على العمل بموجبه، فإنّ العلم شجَرةٌ والعمل ثمرةٌ، وليس يُعَدُّ عالماً من لم يكن بعلمه عاملاً)).
3 - التواضع في العلم والابتعاد عن الخيلاء والكبرياء: ولتعلم أخي المسلم أنّ العلم بحر لا ساحل له، فقد قيل: ((العلم ثلاثة أشبار، من دخل في الشبر الأول: تكبّر، ومن دخل في الشبر الثاني: تواضع، ومن دخل في الشبر الثالث: علم أنه ما يعلم)).
¥