- (الشَّرْطُ الْخَامِسُ): أَلَّا يَكُونَ الطَّلَاقُ بِعِوَضٍ , فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بِعِوَضٍ فَلَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ ; لِأَنَّ الطَّلَاقَ حِينَئِذٍ بَائِنٌ لِافْتِدَاءِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا مِنْ الزَّوْجِ بِمَا قَدَّمَتْهُ لَهُ مِنْ عِوَضٍ مَالِيٍّ يُنْهِي هَذِهِ الْعَلَاقَةَ مِثْلَ الْخُلْعِ وَالطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ.
- (الشَّرْطُ السَّادِسُ): أَنْ تَكُونَ الرَّجْعَةُ مُنَجَّزَةً فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا عَلَى شَرْطٍ أَوْ إضَافَتُهَا إلَى زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ , وَصُورَةُ التَّعْلِيقِ عَلَى الشَّرْطِ أَنْ يَقُولَ: إنْ جَاءَ زَيْدٌ فَقَدْ رَاجَعْتُك , أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَقَدْ رَاجَعْتُك , وَصُورَةُ الْإِضَافَةِ لِلزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ كَأَنْ يَقُولَ: أَنْتِ رَاجِعَةٌ غَدًا أَوْ بَعْدَ شَهْرٍ وَهَكَذَا , وَهَذَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) وَالْأَظْهَرُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ , وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (تَعْلِيقٌ ف 46) الْمَوْسُوعَةِ ج 12 ص 31.
اسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِأَنَّ الرَّجْعَةَ اسْتِدَامَةٌ لِعَقْدِ النِّكَاحِ أَوْ إعَادَةٌ لَهُ , وَالنِّكَاحُ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ وَالْإِضَافَةَ , وَالرَّجْعَةُ تَأْخُذُ حُكْمَ النِّكَاحِ.
- (الشَّرْطُ السَّابِعُ): أَنْ يَكُونَ الْمُرْتَجِعُ أَهْلًا لِإِنْشَاءِ عَقْدِ النِّكَاحِ. وَهَذَا الشَّرْطُ وَرَدَ فِي كُتُبِ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ الْحَقُّ فِي إنْشَاءِ عَقْدِ الزَّوَاجِ يَكُونُ لَهُ الْحَقُّ فِي ارْتِجَاعِ مُطَلَّقَتِهِ عِنْدَ اسْتِيفَاءِ شُرُوطِ الرَّجْعَةِ , وَعَلَى ذَلِكَ فَلَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ مِنْ الْمَجْنُونِ وَالسَّكْرَانِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمَا لِإِنْشَاءِ عَقْدِ النِّكَاحِ , وَأَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ رَجْعَةَ نَاقِصِي الْأَهْلِيَّةِ , وَهُمْ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ , وَالسَّفِيهُ, وَالْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ , وَالْمُفْلِسُ , وَقَدْ بَنَوْا إجَازَةَ الرَّجْعَةِ مِنْ هَؤُلَاءِ عَلَى أَسَاسِ عَدَمِ إلْحَاقِ الضَّرَرِ بِهِمْ , وَعَلَى حَسَبِ حَالَةِ كُلٍّ مِنْ هَؤُلَاءِ عَلَى حِدَةٍ , فَأَمَّا الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ فَيَصِحُّ عَقْدُ نِكَاحِهِ إلَّا أَنَّهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ , فَكَمَا صَحَّ عَقْدُهُ بِهَذِهِ الْحَالَةِ صَحَّتْ رَجْعَتُهُ , وَأَمَّا السَّفِيهُ فَيَصِحُّ عَقْدُ نِكَاحِهِ فِي حُدُودِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَصَحَّتْ رَجْعَتُهُ لِاسْتِمْرَارِ عَقْدِ النِّكَاحِ مِنْ جِهَةٍ ; وَكَذَا لِعَدَمِ وُجُودِ الْإِسْرَافِ مِنْهُ , وَأَمَّا الْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ فَقَدْ صَحَّتْ رَجْعَتُهُ ; لِأَنَّ الرَّجْعَةَ لَيْسَ فِيهَا إدْخَالُ غَيْرِ وَارِثٍ مَعَ الْوَرَثَةِ , وَأَمَّا الْمُفْلِسُ فَصَحَّتْ الرَّجْعَةُ مِنْهُ; لِأَنَّهَا لَا تَتَطَلَّبُ مَهْرًا جَدِيدًا فَلَا تَشْغَلُ ذِمَّتَهُ بِالْتِزَامَاتٍ مَالِيَّةٍ وَلَا يَحْتَاجُ لِإِذْنِ الدَّائِنِينَ , كَمَا أَجَازُوا الرَّجْعَةَ مِنْ الْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ مَعَ عَدَمِ جَوَازِ عَقْدِ نِكَاحِهِ ; لِأَنَّ الرَّجْعَةَ اسْتِمْرَارٌ لِعَقْدِ النِّكَاحِ وَلَيْسَتْ إنْشَاءً جَدِيدًا لَهُ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إلَى أَنَّ شَرْطَ الْمُرْتَجِعِ أَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ بِنَفْسِهِ بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا مُخْتَارًا غَيْرَ مُرْتَدٍّ ; لِأَنَّ الرَّجْعَةَ كَإِنْشَاءِ النِّكَاحِ فَلَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ فِي الرِّدَّةِ وَالصِّبَا وَالْجُنُونِ وَلَا مِنْ مُكْرَهٍ , كَمَا لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ فِيهَا. فَالرَّجْعَةُ لَا تَصِحُّ إلَّا مِنْ بَالِغٍ , عَاقِلٍ مُخْتَارٍ. وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ مِنْ ذَلِكَ السَّفِيهَ فَكَمَا يَصِحُّ نِكَاحُهُ صَحَّتْ رَجْعَتُهُ. . . وَالسَّكْرَانُ الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ تَصِحُّ رَجْعَتُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ ; لِأَنَّهُ فِي الْأَصْلِ أَهْلٌ لِإِبْرَامِ عَقْدِ النِّكَاحِ , وَلَا تَصِحُّ رَجْعَتُهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ , كَمَا لَا تَصِحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ رَجْعَةُ السَّكْرَانِ غَيْرِ الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ , لِأَنَّ أَقْوَالَهُ كُلَّهَا لَاغِيَةٌ. وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إلَى صِحَّةِ الرَّجْعَةِ مِنْ الْمُحْرِمِ ; لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يُؤَثِّرُ فِي أَهْلِيَّةِ الْمُحْرِمِ لِإِنْشَاءِ عَقْدِ النِّكَاحِ وَإِنَّمَا هُوَ أَمْرٌ عَارِضٌ. هَذَا وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الرَّجْعَةِ رِضَا الْمَرْأَةِ. وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ}. يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى.