تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مسألة: هل يشترط للتوبة إعلام من أذنبت في حقه؟]

ـ[أحمد محمود الأزهري]ــــــــ[27 - 11 - 04, 05:42 م]ـ

مسألة: هل يشترط للتوبة إعلام من أذنبت في حقه؟ منقول

جاء في مدارك السالكين ج1 ص299:301

وَمِنْ أَحْكَامِهَا: -أي ومن أحكام التوبة- أَنَّهَا إِذَا كَانَتْ مُتَضَمِّنَةً لِحَقِّ آدَمِيٍّ التَّوْبَةُ أَنْ يَخْرُجَ التَّائِبُ إِلَيْهِ مِنْهُ، إِمَّا بِأَدَائِهِ وَإِمَّا بِاسْتِحْلَالِهِ مِنْهُ بَعْدَ إِعْلَامِهِ بِهِ، وَإِنْ كَانَ حَقًّا مَالِيًّا أَوْ جِنَايَةً عَلَى بَدَنِهِ أَوْ بَدَنِ مَوْرُوثِهِ، كَمَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ كَانَ لِأَخِيهِ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ مِنْ مَالٍ أَوْ عِرْضٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ الْيَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ إِلَّا الْحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتُ.

وَإِنْ كَانَتِ الْمَظْلَمَةُ بِقَدْحٍ فِيهِ، بِغِيبَةٍ أَوْ قَذْفٍ فَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي تَوْبَتِهِ مِنْهَا إِعْلَامُهُ بِذَلِكَ بِعَيْنِهِ وَالتَّحَلُّلُ مِنْهُ؟ أَوْ إِعْلَامُهُ بِأَنَّهُ قَدْ نَالَ مِنْ عِرْضِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ، أَوْ لَا يُشْتَرَطُ لَا هَذَا وَلَا هَذَا، بَلْ يَكْفِي فِي تَوْبَتِهِ أَنْ يَتُوبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ إِعْلَامِ مَنْ قَذَفَهُ وَإِعْتَابِهِ؟

عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ فِي حَدِّ الْقَذْفِ، هَلْ يُشْتَرَطُ فِي تَوْبَةِ الْقَاذِفِ إِعْلَامُ الْمَقْذُوفِ، وَالتَّحَلُّلُ مِنْهُ أَمْ لَا؟ وَيُخَرَّجُ عَلَيْهِمَا تَوْبَةُ الْمُغْتَابِ وَالشَّاتِمِ.

وَالْمَعْرُوفُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ اشْتِرَاطُ الْإِعْلَامِ وَالتَّحَلُّلِ، هَكَذَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُهُمْ فِي كُتُبِهِمْ.

وَالَّذِينَ اشْتَرَطُوا ذَلِكَ احْتَجُّوا بِأَنَّ الذَّنْبَ حَقُّ آدَمِيٍّ فَلَا يَسْقُطُ إِلَّا بِإِحْلَالِهِ مِنْهُ وَإِبْرَائِهِ.

ثُمَّ مَنْ لَمْ يُصَحِّحِ الْبَرَاءَةَ مِنَ الْحَقِّ الْمَجْهُولِ شَرَطُ إِعْلَامَهُ بِعَيْنِهِ، لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ عَارِفًا بِقَدْرِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ إِعْلَامِ مُسْتَحِقِّهِ بِهِ، لِأَنَّهُ قَدْ لَا تَسْمَحُ نَفْسُهُ بِالْإِبْرَاءِ مِنْهُ إِذَا عَرَفَ قَدْرَهُ.

وَاحْتَجُّوا بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ كَانَ لِأَخِيهِ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ -مِنْ مَالٍ أَوْ عِرْضٍ- فَلْيَتَحَلَّلْهُ الْيَوْمَ.

قَالُوا: وَلِأَنَّ فِي هَذِهِ الْجِنَايَةِ حَقَّيْنِ: حَقًّا لِلَّهِ، وَحَقًّا لِلْآدَمِيِّ، فَالتَّوْبَةُ مِنْهَا بِتَحَلُّلِ الْآدَمِيِّ لِأَجْلِ حَقِّهِ، وَالنَّدَمُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ لِأَجْلِ حَقِّهِ.

قَالُوا: وَلِهَذَا كَانَتْ تَوْبَةُ الْقَاتِلِ لَا تَتِمُّ إِلَّا بِتَمْكِينِ وَلِيِّ الدَّمِ مِنْ نَفْسِهِ، إِنْ شَاءَ اقْتَصَّ وَإِنْ شَاءَ عَفَا، وَكَذَلِكَ تَوْبَةُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ.

وَالْقَوْلُ الْآخَرُ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْإِعْلَامُ بِمَا نَالَ مِنْ عَرْضِهِ وَقَذْفِهِ وَاغْتِيَابِهِ، حُكْمُهُ بَلْ يَكْفِي تَوْبَتُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ، وَأَنْ يَذْكُرَ الْمُغْتَابَ وَالْمَقْذُوفَ فِي مَوَاضِعِ غِيبَتِهِ وَقَذْفِهِ بِضِدِّ مَا ذَكَرَهُ بِهِ مِنَ الْغِيبَةِ، فَيُبَدِّلَ غِيبَتَهُ بِمَدْحِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَذِكْرِ مَحَاسِنِهِ، وَقَذْفَهُ بِذِكْرِ عِفَّتِهِ وَإِحْصَانِهِ، وَيَسْتَغْفِرُ لَهُ بِقَدْرِ مَا اغْتَابَهُ.

وَهَذَا اخْتِيَارُ شَيْخِنَا أَبِي الْعَبَّاسِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ، قَدَّسَ اللَّهُ رَوْحَهُ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير