[الرد على من قال أن صيام الستة من شوال بدعة]
ـ[ناصر السوهاجي]ــــــــ[23 - 11 - 04, 06:20 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فقد اطلعت على مقال الكاتب جميل يحيى خياط، في صحيفة المدينة ليوم الجمعة 7 شوال، في مقاله (صيام الستة أيام من شوال فيه أقوال)، حيث ذهب إلى عدم مشروعية صيام هذه الأيام!
مستدلاً لذلك بأدلة ذكرها وستأتي مناقشتها باختصار في مقالي هذا، وقد تعجبت من جرأة الكاتب وتسرعه في حكمه ببدعية صيام هذه الأيام، مع كون الحديث الوارد فيها في صحيح مسلم! ومع شهرة القول بسنيتها بين عوام الناس أيضاًَ، فضلاً عن طلاب العلم، فكان من اللائق لمن يخالف قولاً مشهوراً أن يتروى ويتمهل، حتى لا يأتي بقول مهجور، قد رده العلماء من عصور!
بنى الكاتب قوله في عدم مشروعية صيام الست من شوال على عدة أمور:
أولاً: ذهب إلى تضعيف الحديث الوارد في هذه المسألة مع أن الحديث في صحيح مسلم!!
أما حجته في ضعف الحديث في ذاته فهو أمران:
الأول: أن في إسناد الحديث أحد الرواة الضعفاء وهو سعد بن سعيد، وقد أوهم بكلامه هذا أن الحديث ليس له إسناد إلا من طريق هذا الراوي الضعيف، والواقع أن هذا الراوي قد توبع من جماعة من الرواة كلهم ثقات ممن يحتج بحديثهم _إلا الأخير ففيه ضعف _، فقد تابعه:
_ أخوه يحيى بن سعيد. أخرجه النسائي في الكبرى (2/ 163).
_ وأخوه عبدربه بن سعيد. أخرجه النسائي في الكبرى (2/ 163) _ وروايته موقوفة _.
_ وصفوان بن سليم. أخرجه أبو داود (2،324رقم2433) والنسائي في الكبرى (2/ 163) وابن خزيمة (3/ 297) وغيرهم.
_ وعثمان بن عمرو الخزاعي. أخرجه النسائي في الكبرى (2/ 164).
فهؤلاء أربعة من الرواة كلهم وافقوا سعد بن سعيد على روايته للحديث عن عمر بن ثابت عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، فكيف يُضعّف الحديث لأجل راو واحد وهو مُتابعٌ كما رأيت.
وقد اعتنى ابن القيم رحمه الله في حاشيته على سنن أبي داود (7/ 61_68) بالكلام على طرق الحديث وبيان متابعاته وشواهده، والجواب عن اعتراضات المخالفين له، وأفرد العلائي الكلام على هذا الحديث بجزء مفرد وهو مطبوع.
فإن قيل: كيف أخرج مسلم إذاً حديث هذا الراوي وهو متكلم فيه؟
فجوابه ما قاله ابن القيم وهو: (أن مسلماً إنما احتج بحديثه لأنه ظهر له أنه لم يخطىء فيه بقرائن ومتابعات، ولشواهد دلته على ذلك، وإن كان قد عرف خطؤه في غيره، فكون الرجل يخطىء في شيء لا يمنع الاحتجاج به فيما ظهر أنه لم يخطىء فيه، وهكذا حكم كثير من الأحاديث التي خرجاها وفي إسنادها من تكلم فيه من جهة حفظه فإنهما لم يخرجاها إلا وقد وجدا لها متابعا).
الحجة الثانية عنده في ضعف الحديث في ذاته: أن مدار الحديث على عمر بن ثابت الأنصاري، ولم يروه عن أبي أيوب غيره، فهو شاذ، فلا يحتج به، كما قال.
والجواب عليه من وجهين:
الأول: هو أن عمر بن ثابت الأنصاري قد وثقه أئمة الحديث، فمثله الأصل قبول تفرده، ولهذا في الصحيحين أحاديث كثيرة قد تفرد بها بعض رواتها، ومن أشهر هذه الأحاديث أول حديث في صحيح البخاري وهو حديث (إنما الأعمال بالنيات)، ولهذا قال ابن القيم: (ليس هذا من الشاذ الذي لا يحتج به، وكثير من أحاديث الصحيحين بهذه المثابة، كحديث الأعمال بالنيات، تفرد علقمة بن وقاص به، وتفرد محمد بن إبراهيم التيمي به عنه، وتفرد يحيى بن سعيد به عن التيمي).
الثاني: أن هذا الحديث لم يتفرد به أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه، بل تابعه عليه جمع من الصحابة، منهم:
_ ثوبان. أخرجه أحمد (5/ 280) وابن ماجه (1/ 547) وصححه ابن خزيمة (3/ 298) وابن حبان (8/ 398).
_ وجابر. أخرجه أحمد (3/ 308، 324، 344) والبيهقي (4/ 292) وغيرهم.
_ وهناك غيرهم من الصحابة، ولم أذكرهم اختصاراً.
ولهذا ترجم ابن حبان على ذلك في صحيحه فقال بعد إخراجه حديث عمر بن ثابت: (ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به عمر بن ثابت عن أبي أيوب) وذكر حديث ثوبان).
¥