تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإنما الاختلاف بين الفلكيين في مسألة إمكان رؤية الهلال بعد اتفاقهم على وقت ولادته. فبعضهم يقول بولادته قبل غروب الشمس. ولكن لا يمكن رؤيته إلا إذا كان على زاوية أفقية محددة بدرجة معينة وعلى ارتفاع درجات محددة أيضا بعدد كخمس درجات أو ست أو أقل من ذلك أو أكثر فهذه المسألة محل اختلاف بينهم مع اتفاقهم جميعا على تحديد وقت الولادة. وهذا الاختلاف هو الذي أوجد خلطا بين علماء الشريعة وفقهائها قديما وحديثا فلم يفرقوا بين الولادة وبين إمكان الرؤية من عدمه؛ فظنوا أن الاختلاف في إمكان الرؤية هو اختلاف في تحديد الولادة والذي ندين الله به جمعا بين النصوص الشرعية والنتائج القطعية للفلك أن الرؤية تثبت بالشهادة عليها وأن دخول الشهر أو خروجه يجب أن ينحصر إثباته فيها ولو قال الفلكيون بولادة الهلال قبل غروب الشمس ولم يُرَ الهلال فلا يجوز الأخذ بالإثبات الفلكي، كما لا يجوز تقييد رؤية الهلال بعد ولادته بإمكان الرؤية وتقييد الإمكان بزاوية معينة أو درجة معينة، فمتى ولد الهلال وجاءت الشهادة بالرؤية تعين اعتبار الرؤية من غير اعتبارٍ للإمكان.

وأما إذا غربت الشمس قبل الولادة وجاء من يشهد برؤية الهلال بعد غروب الشمس فيجب رد هذه الرؤية حيث إن رؤية الهلال منتفية قطعا في هذه الحال وعليه فيجب اعتبار الحساب الفلكي في حال النفي دون حال الإثبات.

ولمزيد من توضيح معنى أن الحساب الفلكي وأنه يجب أن يُستند عليه في النفي دون الإثبات نذكر الحالات الآتية والحكم على كل حال منها:

الحال الأولى: أن يولد الهلال قبل غروب الشمس ويأتي من يشهد برؤيته بعد غروب الشمس فهذه الرؤية معتبرة ويثبت بها بعد تعديلها دخول الشهر، فإن كان شهر رمضان فيكفي لها شاهد عدل، وإن كان شهرا غير شهر رمضان فيجب أن تكون الشهادة بالرؤية من شاهدي عدل فأكثر، وفي هذه الحال فقد اتفق النظر الشرعي مع الواقع الفلكي على إثبات دخول الشهر.

الحال الثانية: أن يولد الهلال بعد غروب الشمس ولم يتقدم أحد بدعوى رؤيته الهلال بعد غروب الشمس ففي هذه الحال اتفق النظر الشرعي مع الواقع الفلكي على نفي الرؤية واعتبار هذه الليلة ليلة آخر يوم من الشهر الحالي.

الحال الثالثة: أن يولد الهلال قبل غروب الشمس ولكن لم يتقدم أي شاهد برؤيته الهلال فهذه الحال اختلف النظر الشرعي مع الواقع الفلكي حيث إن الواقع الفلكي يثبت دخول الشهر والنظر الشرعي ينفي ذلك حيث لم يشهد أحد برؤية الهلال ففي هذه الحال يجب علينا الأخذ بالنظر الشرعي في نفي دخول الشهر استجابة للنصوص الشرعية من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه). ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)).كما يجب علينا عدم الأخذ بالثبوت الفلكي لانحصار الإثبات الشرعي في الرؤية فقط.

الحال الرابعة:أن يولد الهلال بعد غروب الشمس ويأتي من يشهد برؤية الهلال بعد غروب الشمس فهذه الحال اختلف الواقع الفلكي مع دعوى الرؤية قبل الولادة حيث إن دعوى الرؤية يثبت دخول الشهر والواقع الفلكي ينفي دخول الشهر ففي هذه الحال يجب الأخذ بالواقع الفلكي حيث إن الهلال لم يولد إلا بعد غروب الشمس فكيف يُرى بعد غروبها والحال أن الشمس غربت والهلال متقدم عليها نحو الغرب وهي متخلفة عنه نحو الشرق فالرؤية التي تقدم بها أصحابها شهادة، ومن شروط قبول الشهادة أن تنفك عما يكذبها، وهذه الشهادة لم تنفك عما يكذبها حيث إن ما يكذبها ملازم لها فيجب رد هذه الشهادة مهما كان الشاهد بها ومهما تعدد شهودها، وهذا معنى قولنا يجب الأخذ بالحساب الفلكي فيما يتعلق بالنفي لا بالإثبات.

وهناك إيراد آخر ملخصه إن علماء الفلك قاطبة مجمعون على أن ولادة الهلال لها وقت محدد بلحظة واحدة ومع ذلك يوجد خلاف بينهم في تحديد أول كل شهر والمثال على ذلك اختلاف العجيري وهو أحد علماء الفلك مع تقويم أم القرى في تحديد أول شهر رمضان عام 1421 هـ، والسؤال عن وجه هذا الاختلاف والحال أن علماء الفلك مجمعون على تحديد ولادة هلال كل شهر بلحظة معينة.

والجواب عن هذا الإشكال أن غالب علماء الفلك من مسلمين وغير مسلمين أخذوا بتوقيت جرينتش واتفقوا على الأخذ باصطلاح مقتضاه:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير