تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالته في " زيارة بيت المقدس ": مايذكره فيها ـ أي في الصخرة ـ من أن هناك أثر قدم النبي صلى الله عليه وسلم وأثر عمامته و غير ذلك فإنه كذب، وأكذب منه من يظن أنه قدم الرب.

وقال في " اقتضاء الصراط المستقيم " بعد الكلام على الأمكنة التي اعتقد الجهال فيها الاعتقادات الفاسدة: ومن هذا الباب أيضاً مواضع يقال إن فيها أثر النبي صلى الله عليه وسلم أو غ يرها، ويضاهي به مقام إبراهيم الذي بمكة، كما يقول الجهال في الصخرة التي ببيت المقدس من أن فيها أثراً من طىء قدم النبي صلى الله عليه وسلم. قال: وبلغني أن بعض الجهال يزعمون أنها موطىء الرب سبحانه وتعالى، فيزعمون أن ذلك الأثر موضع القدم ا هـ.

قلت: ورد في حديث طويل في قصة الإسراء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ثم أتى بي ـ أي جبريل ـ الصخرة فقال: من هاهنا عرج ربك إلى السماء " الحديث. وربما يكون مستند الفرع الأخير الذي ذكره شيخ الإسلام. وهذا ذكره ابن ح بان في ترجمة الدجال الوضاع بكر بن زياد الباهلي. ثم قال: وهذا شيء لا يشك عوام أصحاب الحديث أنه موضوع، فكيف البزل في هذا الشأن. قال الذهبي في " الميزان": قلت صدق ابن حبان. ووافقهما الحافظ في " لسان الميزان " على وضع العبارة المذكورة.

أما ما ذكرته جريدة الصحفي عن كعب أنه قال: قرأت في " التوراة" أن الله يقول للصخرة أنت عرشي الأدنى إلخ ...

كذب وافتراء على الله، وقد قال عروة بن الزبير لما سمع ذلك عن كعب الأحبار عند ع بد الملك بن مروان قال عروة: سبحان الله؟

يقول الله سبحانه:?وسع كرسيه السموات و الأرض? () وتكون الصخرة عرشه الأدنى. نقل هذا عن عروة بن الزبير: ابن تيمية في (اقتضاء الصراط المستقيم) وابن القيم في (المنار المنيف) وجزماً بتكذيب هذه الإسرائيلية، وأطال شيخ الإسلام في التحذير من قبول أمثالها.

وأما موضع صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في بيت المقدس ففيه رواية تغنينا عن أمثال ما ذكره كا تب المقال المتعقب، فقد قال الإمام أحمد: حدثنا أسود بن عامر، حدثنا حماد بن سلمة، عن أبي سنان، عن عبيد بن آدم وأبي مريم وأبي شعيب: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان بالجابية، فذكر فتح بيت المقدس، قال: فقال أبو سلمة: فحدثني أبو سنان، عن عبيد بن آدم، قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول لكعب: أي ترى أن أصلي، فقال: إن أخذت عني صليت خلف الصخرة، فكانت القدس كلها بين يديك، فقال عمر رضي الله عنه: ضاهيت اليهودية. لا , ولكن أصلي حيث صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم،فتقدم إلى القبلة فصلى، ثم جاء فبسط رداءه وكنس الكناسة في ردائه، وكنس الناس. رواه الإمام أحمد في مسنده. وقال الحافظ ابن كثير في " تاريخه" هذا إسناد جيد، اختاره الحافظ ضياء الدين المقدسي في كتابه.

وقال في " تفسيره" فلم يعظم ـ أي عمر ـ الصخرة تعظيماً يصلي وراءها وهي بين يديه، كما أشار كعب الأحبار ـ وهو من قوم يعظمونها حتى جعلوها قبلة، ولهذا لما أشار بذلك قال له أمير المؤمنين عمر: ضاهيت اليهودية. ولا أهانها إهانة النصارى الذين جعلوها مزبلة من أجل أنها قبلة اليهود، ولكن أماط عنها الأذى،وكنس عنها الكناسة بردائه. وهذا شبيه بما جاء في صحيح مسلم عن أبي مرثد الغنوي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها" ا هـ. كلام ابن كثير.

إن الصحابة والتابعين لهم بإحسان رضي الله عنهم لم يكونوا يعظمون الصخرة ولا يصلون عندها، كما بينه شيخ الإسلام ابن تيمية قال في رسالته في " زيارة بيت المقدس ": كان الأئمة إذا دخلوا المسجد قصدوا الصلاة في المصلى الذي بناه عمر. وقد روي عن ابن عمر رضي الله عنه أنه صلى في محراب داود. وأما الصخرة فلم يصل عندها رضي الله عنه، ولا الصحابة، ولا كان على عهد الخلفاء الراشدين عليها " قبة " بل كانت مكشوفة في خلافة عمر وعثمان وعلي ومعاوية ويزيد ومروان،ولكن لما تولى ابنه عبد الملك الشام، ووقعت بينه وبين ابن الزبير الفتنة،كان الناس يحجون فيجتمعون بابن الزبير، فأراد عبد الله أن يصرف الناس عن ابن الزبير، فبنى القبة على الصخرة، وكساها في الشتاء والصيف ليرغب الناس في زيارة بيت المقدس،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير