تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[07 - 09 - 07, 11:54 ص]ـ

قد يجاب عن هذا بأحد هذه الأوجه:

الأول: أنه في مبتدأ الإسلام قبل نزول آية تحريم الدم.

الثاني: في حديثي زكريا وشعبة أن الذي جعله ذلك الشقي على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي كان سلى ناقة منحورة، وهو الذي يكون فيه ما حامل به مما لا دم فيه ولا فرث، ومما هو كسائر لحمها، ولا اختلاف بين أهل العلم أن من كان في كمه لحم ناقة مذكاة لا دم ولا روث فيه، فصلى وهو حامله كذلك أن صلاته جائزة. انظر: مشكل الآثار للطحاوي (8/ 442).

الثالث: أنه يحتمل أنها كانت صلاة نافلة، ولو كانت فرضًا ما تمادى النبى - صلى الله عليه وسلم -، فى صلاته والفرث والدم على ظهره، ولقطع الصلاة.

الرابع: أنه لم يعلم ما وضع على ظهره فاستمر في سجوده استصحابا للطهارة.

وإذا تطرق الاحتمال بطل الاستدلال.

في عمدة القاري للعيني (5/ 146): (وأجاب الخطابي عن هذا بأن أكثر العلماء ذهبوا إلى أن السلا نجس وتأولوا معنى الحديث على أنه لم يكن تعبد إذ ذاك بتحريمه كالخمر كانوا يلابسون الصلاة وهي تصيب ثيابهم وأبدانهم قبل نزول التحريم فلما حرمت لم تجز الصلاة فيها، واعترض عليه ابن بطال بأنه لا شك أنها كانت بعد نزول قوله تعالى: ((وثيابك فطهر)) (سورة المدثر 4) لأنها أول ما نزل عليه من القرآن قبل كل صلاة، ورد عليه بأن الفرث ورطوبة البدن طاهران والسلا من ذلك، وقال النووي هذا ضعيف لأن روث ما يؤكل لحمه ليس بطاهر ثم إنه يتضمن النجاسة من حيث إنه لا ينفك من الدم في العادة ولأنه ذبيحة عبدة الأوثان فهو نجس، والجواب أنه لم يعلم ما وضع على ظهره فاستمر في سجوده استصحابا للطهارة، وما يدرى هل كانت هذه الصلاة فريضة فتجب إعادتها على الصحيح أو غيرها فلا يجب، وإن وجبت الإعادة فالوقت موسع لها فلعله أعاد واعترض عليه بأنه لو أعاد لنقل ولم ينقل. قلت لا يلزم من عدم النقل عدم الإعادة في نفس الأمر، فإن قلت كيف كان لا يعلم بما وضع على ظهره فإن فاطمة رضي الله تعالى عنها ذهبت به قبل أن يرفع رأسه، قلت لا يلزم من إزالة فاطمة إياه عن ظهره إحساسه بذلك لأنه كان إذا دخل في الصلاة استغرق باشتغاله بالله تعالى، ولئن سلمنا إحساسه به فقد يحتمل أنه لم يتحقق نجاسته والدليل عليه أن شأنه أعظم من أن يمضي في صلاته وبه نجاسة، وقد يقال إن الفرث والدم كان داخل السلا وجلدته الظاهرة طاهرة فكان كحمل القارورة المرصصة، واعترض عليه بأنه كان ذبيحة وثني فجمع أجزائها نجسة لأنها ميتة، وأجيب عن ذلك بأنه كان قبل التعبد بتحريم ذبائحهم، واعترض عليه بأنه يحتاج إلى تاريخ ولا يكفي فيه الاحتمال، قلت الاحتمال الناشىء عن دليل كاف ولا شك أن تماديه في هذه الحالة قرينة تدل على أنه كان قبل تحريم ذبائحهم لأنه لا يقر على أمر غير مشروع ولا يقرر غيره عليه لأن حاله أجل من ذلك وأعظم). والحمد لله رب العالمين.

ـ[أسامة]ــــــــ[08 - 09 - 07, 11:35 ص]ـ

[ quote= زياد العضيلة;150701] أخي إسلام بن منصور وفقه الله.

أحبك الله الذي احببتني فيه.

1 - بالنسبة لكلام التابعين فليس هو موجه لك ولكن لمن قال: (و أيضا، فإن مدعي الإجماع هو الذي يطالب بالدليل و ليس النافي، فأين نصوص الصحابة و التابعين المصرحة بنجاسة دم الآدمي المسلم و التي بنى عليها مدعوا الإجماع زعمهم؟!). انتهى كلامه.

وهذا كلام من لم يطلع على أقوال السلف الصالحين، ولم يعالج فقههم.


أقول: سامحك الله!

ما زلت أقول: إن الآثار المنقولة عن الصحابة و التابعين في نجاسة الدم بعضها مطلق و بعضها مقيد بدم الذبيحة، و ليس في شيء منها (على الأقل ما نقلتموه هنا) التصريح بأنهم يريدون دم الآدمي المسلم (تأمل: الآدمي المسلم)، فتنبه و تأمل الكلام جيدا قبل أن ترد عليه.

كل ما ورد في الدم الذي على الثياب من وقائع الأحوال يحتمل أن يكون من أثر دم الذبيجة، فلا يتعين أن يكون كلامهم في محل النزاع، و بهذا يتبين عدم وجود النصوص الصحيحة الصريحة التي يصح بناء الإجماع عليها أو اعتماده في دم الآدمي، لاسيما وأنه من المنصوص و المتفق عليه أن دم الشهيد لا يغسل عنه، ولو كان دم الآدمي المسلم نجسا لوجب غسله كما يجب غسل سائر النجاسات، و لو تمسكنا بهذا الأصل و ادعينا فيه الإجماع لكان قولنا أقرب إلى الصواب من قول مخالفينا، و لكننا مع ذلك لا نذهب هذا المذهب و لا نسلك هذه الطريقة، لورود احتمال اختلاف الأفهام و القول بالتخصيص و الاستثناء.

كما أنه من المعلوم أن العلماء اليوم قاطبة يجوزون نقل الدم من إنسان لآخر و لو كان المنقول منه كافرا، كما يجوزون عمل غسيل الدم لمرضى الكلى مع أن الدم يخرج من المريض ثم يعود إليه، و لو كان الدم نجسا لمنعوه و لكان ذلك ضارا للمريض إذ من المعلوم أن النجاسة تضر البدن، و لا يصح حمل هذا على الضرورة لأنه من المعلوم أن نقل الدم نفع محض لا ضرر فيه على من نقل إليه الدم.

ولما حرم الله إتيان الحائض علل ذلك بأن الحيض أذى، و فسره العلماء بأنه نجس و قذر و نتن، و من المعلوم أن الصحيح جواز إتيان الرجل امرأته المستحاضة في غير أيام حيضها، و لو كان دم الاستحاضة نجسا لما جاز له ذلك حتى تبرأ، و قد أخبر النبي عليه الصلاة و السلام بأن دم الاستحاضة دم عرق، و بهذا يعلم أن دم العرق لا يمنع من الصلاة، و لا ينقض الطهارة، وإنما تتوضأ لكل صلاة تعبدا، ولكون الدم خارجا من السبيل، فلا يقاس عليه الدم الخارج من غير السبيل للفارق الظاهر، فإن الأصل أن ما خرج من السبيل فهو ناقض للطهارة بغض النظر عن جنسه، بخلاف ما خرج من غير السبيل.

ولما كان من المتفق عليه الفرق بين دم الحيض و دم الاستحاضة، وكان أخص وصف الحيض النجاسة، علم أن دم العرق ليس بنجس، و الله أعلم.

أعتذر عن التأخر الشديد جدا في الرد، و الله الموفق للصواب.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير