تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في الفتح (4/ 54) في قوله: لا تنتقب المحرمة: أي لاتستر وجهها, واختلف العلماء في ذلك فمنعه الجمهور وأجازه الحنفية وهو رواية عند الشافعية والمالكية. فعلى هذا فالأصل في المرأة المحرمة: أنها لا تغطي وجهها إلا إذا احتاجب - عند مرور الرجال مثلاً أن تغطيه فتغطية بشيء غير النقاب كأن تسدل عليه شيئًا, وليست تلك التغطية بالسدل واجبة عليها, والله أعلم.

أما قول الشيخ ناصر -رحمه الله- في حجاب المرأة المسلمة ص29 الطبعة الثانية – ثم هب أنها كانت محرمة فإن ذلك لا يخدج في استدلال ابن بطال المذكور البتة ذلك؛ لأن المحرمة تشترك مع غير المحرمة في جواز ستر وجهها بالسدل عليه ... وإنما يجب عليها أن لا تنتقب فقط فلو أن كشف المرأة لوجهها أمام الأجانب لا يجوز لأمرها صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن تسدل عليه من فوق - كما قال ابن حزم - لا سيما وهي من أحسن النساء وأجملهن, وقد كاد الفضل ابن عباس أن يفتتن بها ومع هذا كله لم يأمرها صلى الله عليه وعلى آله وسلم بل صرف وجه الفضل عنها ففي هذا أيضًا دليل على أن الستر المذكور لا يجب على المرأة ولو كانت جميلة وإنما يستحب لها ذلك كما يستحب لغيرها. انتهي كلامه رحمه الله.

قلت: وهذا كلام لا فائدة فيه فقد ذكر الشيخ -رحمه الله-: أن المحرمة تشترك مع غير المحرمة في جواز ستر وجهها بالسدل عليه, ثم قال في آخر البحث: ومع هذا لم يأمرها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. أما عدم الفائدة من هذا الكلام؛ فلأننا لم نختلف مع الشيخ في أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يأمرها؛ لأنه عليه السلام لو أمرها لأصبح واجبًا على المحرمة أن تغطي وجهها, ولم ندَّعِ هذا. وليس هو محل بحثنا, إذا أننا قررنا أن المحرمة لا يجوز لها أن تنتقب ويجوز لها أن تسدل على وجهها سدلاً إذا احتاجت إليه, والله أعلم.

(32) وذلك لأنه منقطع بين الحكم وابن عباس فلا تعرف للحكم رواية عن ابن عباس ولا يحفظ له سماع منه.

وهذا الحديث - رغم أنه منقطع- فقد أوردناه؛ دفعًا لتوهم قد يقع فيه من يقرأ كتاب الشيخ ناصر -رحمه الله- (حجاب المرأة المسلمة) إذ إن الشيخ -عفا الله عنه- أورد هذا الحديث عقب رواية علي بن أبي طالب التي تفيد أن سؤال الخثعمية كان عند المنحر, واقتصر الشيخ على بيان أن الحديث منقطع, لكن كان ينبغي أن يبين الشيخ أول الحديث وهو أن الفضل كان رديف رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من جمع إلى منى؛ وذلك حتى لا يظن ظان أن هذا المنقطع يشهد لرواية علي التي عند المنحر.

وهذا الحديث وإن كان إسناده منقطعًا إلا أن لمعناه شواهد تؤكد أن الفضل إنما كان رديف رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من مزدلفة إلى منى تقدم ذكر بعضها, وذكر الحافظ ابن حجر في الفتح (4/ 68) بإسناد قال فيه الحافظ: إنه إسناد قوي وعزاه إلى أبي يعلى من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس عن الفضل بن عباس قال: (كنت ردف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأعرابي معه بنت له حسناء فجعل الأعرابي يعرضها لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ رجاء أن يتزوجها, وجعلت ألتفت إليها ويأخذ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم برأسي فيلويه فكان يلبي حتى رمى جمرة العقبة).

قلت: ففي هذا الحديث إشارة - وخاصة في قوله: (فكان يلبى حتى رمى جمرة العقبة) -إلى أن القصة- على فرض اتحادها- كانت في الطريق من مزدلفة لمنى.

وفي هذا الحديث شيء آخر وهو: أن عرض الأعرابي ابنته على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان من أجل أن يتزوجها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

هذا, وثمة استدلالات أخرى استدل بها الشيخ ناصر -رحمه الله-, نذكرها ضمن ما يأتي:


دليل المبيحين الرابع (قصة الواهبة) وتفنيد الاستدلال به أخرجه البخاري (فتح 9/ 181) , ومسلم (3/ 582):
من حديث سهل بن سعد -رضي الله عنه- (أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقالت يا رسول الله, جئت لأهب لك نفسي فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فصعد النظر إليها وصوبه ثم طأطأ رأسه ... ) صحيح (33)

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير