تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أبي أمامة قال «قال رجل: يارسول الله ماالإثم؟ قال إذا حاك في صدرك شئ فدعه» وهذا إسناد جيد على شرط مسلم، فإنه خرج حديث يحيي بن كثير عن زيد بن سلام، وأثبت أحمد سماعه منه وإن أنكره ابن معين. وخرج الإمام أحمد من رواية عبدالله بن العلاء بن زيد قال: سمعت مسلم بن مسلم قال: سمعت أبا ثعلبة الخشني يقول «قلت يارسول الله أخبرني ما يحل لي وما يحرم عليّ، قال: البر ماسكنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم مالم تسكن إليه النفس ولايطمئن إليه القلب وإن أفتاك المفتون» وهذا أيضا إسناد جيد، وعبدالله بن العلاء بن زبير ثقة مشهور، وخرجه البخاري، ومسلم ابن مسلم ثقة مشهور أيضا ــ إلى أن قال ابن رجب: ــ وقد صح عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: «الإثم حَزَّاز القلوب»، واحتج به الإمام أحمد، ورواه عن جرير عن منصور عن محمد بن عبد الرحمن عن أبيه قال: قال عبدالله «إياكم وحزائز القلوب، وماحزّ في قلبك فدعه» قال أبو الدرداء «الخير في طمأنينة، والشر في ريبة». وروى ابن مسعود من وجه منقطع أنه قيل له: أرأيت شيئا في صدورنا لاندري حلال هو أم حرام؟ فقال «وإياكم والحكاكات فإنهن الإثم» والحك والحزّ متقاربان في المعنى، والمراد ماأثر في القلب ضِيقا وحَرَجاً ونفورا وكراهة.) أهـ (جامع العلوم والحكم) لابن رجب، ط دار الفكر، صـ 219 ــ 220.

وهذه النصوص يعضد بعضها بعضاً تشهد بأن للحق أمارات ومنها سكينة النفس وطمأنينة القلب، وللإثم أمارات ومنها ضيق القلب وتحرّجه. فإذا عدم المرء من يفتيه فليستفت قلبه.

2 ــ فإن لم يهتد المرء إلى شئ يميز به، فالأمر كما قال فقهاء الشافعية وغيرهم: إنه لاتكليف عليه وليفعل ما شاء في نازلته، وحكمه حكم من لم يبلغه الخطاب دون تقصير من جهته. وقد نزلت كثير من الشرائع ولم يعلم بها المسلمون الذين كانوا بالحبشة ومنهم من لم يعد إلى المدينة إلا في السنة السابعة (عام خيبر) ولم يؤاخذوا بما لم يبلغهم، ولم يكلفوا بقضاء شئ من ذلك. كما قال ابن تيمية رحمه الله إن من الأحوال المانعة من وجوب قضاء مافات من الواجبات: الجهل الذي يُعذر به لعدم بلوغ الخطاب، راجع (مجموع الفتاوي) جـ 22 صـ 23 و صـ 40 ومابعدها. وقد قال الله تعالى (إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لايستطيعون حيلة ولايهتدون سبيلا، فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم، وكان الله عفواً غفوراً) النساء 98 ــ 99.

فهذا ماأراه في هذه المسألة: أن العاجز عجزاً حقيقياً عن معرفة الشرع ــ لاعن تقصير في السؤال ولو بالارتحال ــ أنه يتقي الله مااستطاع ويتحرى الحق والصواب، فإن عجز فلا تكليف عليه، ولا إثم عليه، قال تعالى (فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم، وكان الله عفواً غفوراً) النساء 99، والله تعالى أعلم.

ـ[أبو الزهراء الشافعي]ــــــــ[17 - 04 - 05, 05:39 م]ـ

وفاتني ما قاله أبو محمد رضي الله عنه في ((النبذة الكافية في أصول الدين)) قال قدس الله روحه:

((ومن عرف مسألة واحدة فصاعداً على حقها من القرآن والسنة جاز له أن يفتي بها, ومن علم جمهور الدين كذلك, ومن خفي عليه ولو مسألة تحل له الفتيا فيما علم, ولا يحل الفتيا فيما لم يعلم.

ولو لم يفت إلا من أحاط بالدين كله علماً لما حل لأحد أن يفتي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفوق كل ذي علم عليم) وحسبنا الله ونعم الوكيل.)).

قال أبو الزهراء: أرجو من ابن خميس أن يبين لنا أقوال مشايخه القائلين بغير هذا حتى نستفيد منه ومنهم.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير