تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

- ثانيها: قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: " العبادات الواردة على وجوه متنوعة ينبغي أن تفعل على جميع الوجوه هذا تارة وهذا تارة بشرط أن لا يكون في هذا تشويش على العامة " [18] وقال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -: "إن العبادات الواردة على وجوه متنوعة ينبغي للإنسان أن يفعلها على هذه الوجوه، وتنويعها فيه فوائد أولاً: حفظ السنة بوجوهها ثانياً: التيسير على المكلف ثالثاً: حضور القلب وعدم ملله وسآمته رابعاً: حفظ الشريعة وصيانتها " [19].

- ثالثها: في قوله " كان إذا صلى الفجر تربع في مجلسه حتى تطلع الشمس " لا يلزم من ذلك مداومة النبي – صلى الله عليه وسلم -، وإنما قد تدل على فعل ماضي وقع لمرة واحدة فقط، قال النووي – رحمه الله -: " المختار الذي عليه الأكثرون والمحققون من الأصوليين أن لفظة كان لا يلزمها الدوام ولا التكرار، وإنما هي فعل ماض تدل على وقوعه مرة،فإن دل دليل على التكرار عمل به وإلا فلا تقتضيه بوضعها " [20]

- رابعها: من أصول قواعد الفقه أن فعل الرسول على وجه الذي فعله على وجه التعبد يكون للاستحباب لا الوجوب، إلا أن يقرن بأمر، أو يكون بياناً لأمر، وما أشبه ذلك من القرائن التي تدل على الوجوب، أما مجرد الفعل فإنه للاستحباب، وليس فيه اية دلالة على انتفاء الأجر لمن غيّر مكانه الذي صلى فيه إلى أي مكان في المسجد، قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -: " من فعل شيئاً على وجه صحيح بمقتضى الدليل الشرعي فإنه لا يمكن إبطاله إلا بدليل شرعي لأننا لو أبطلنا ما قام الدليل على صحته لكان في هذا جناية على الشرع والمكلف، وإعناة له ومشقة عليه " [21]

· أما استدلالهم بقوله – صلى الله عليه وسلم -: " وهو ثان رجليه – قبل أن يتكلم – " ليس فيه دليل على أن الثواب متعلق بالمكث في نفس المكان الذي وقعت فيه الصلاة، فإذا غير مكانه فإنه انتفى عنه الأجر، وإنما فيه الحث والمبادرة والإسراع بهذا الذكر المخصوص بعد صلاة الفجر ليحترس به من الشيطان، قال ابن مفلح - رحمه الله -: " ولهذا مناسبة، ويكون الشارع شرعه أول النهار والليل ليحترس به عن الشيطان فيهما" [22].

· عدم وجود الدليل الصحيح الصريح على انتفاء الأجر لمن تحول من مكانه إلى موضع آخر في المسجد، والأجر أثبته النبي – صلى الله عليه وسلم - لمن ذكر الله بعد صلاة الفجر حتى طلعت الشمس، ثم صلى ركعتين!!. قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -: " إن ما ورد عن الشارع مطلقاً فإنه لا يجوز إدخال أي قيد من القيود إلا بدليل، لأنه ليس لنا أن نقيد ما أطلقه الشارع " [23]

· في هذا القول تيسير على كثير من المسلمين خاصة لمن كان يشعر بألم في ركبتيه أو ظهره، لأنه سينتقل إلى مكان آخر من المسجد ليذكر الله بطمأنينة وحضور قلب، ومن جهة أخرى في هذا القول مراعاة لقول النبي – صلى الله عليه وسلم – " لا ضرر ولا ضرار " [24]، إذ أن احتباسه في مكان واحد دون استناد لجدار أو حائط لفترة طويلة يضر ببدنه ضرراً بيناً، لذلك نهى النبي – صلى الله عليه وسلم – الصلاة بحضرة الطعام أو عند مدافعة الأخبثين مراعاة لأداء الصلاة بخشوع وحضور قلب، قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -: " إن المدافعة تقتضي انشغال القلب عن الصلاة، وهذا خلل في نفس العبادة، وترك الجماعة خلل في أمر خارج عن العبادة، لأن الجماعة واجبة للصلاة، والمحافظة على ما يتعلق بذات العبادة أولى من المحافظة على ما يتعلق بأمر خارج عنها، فلهذا نقول: المحافظة على أداء الصلاة بطمأنينة وحضور قلب أولى من حضور الجماعة أو الجمعة " [25].

كتبه أبو عبد العزيز سعود الزمانان

10/ 11/2001


[1] طرح التثريب 2/ 367.

[2] البش: اللطف في المسألة والإقبال على الرجل، وقيل: هو أن يضحك له ويلقاه لقاء جميلاً (لسان العرب – مادة بشش –6/ 266)

[3] صحيح الترغيب 1/ 319.

[4] شرح الزرقاني 1/ 326.

[5] مواهب الجليل 2/ 74.

[6] الاستذكار لابن عبد البر 6/ 210.

[7] فتح الباري لابن رجب 6/ 40.

[8] طرح التثريب 2/ 367.

[9] فتح الباري حديث رقم 674.

[10] عمدة القاري 4/ 204.

[11] مرقاة المفاتيح حديث رقم 971 للملا القاري.

[12] شرح الزرقاني 1/ 326.

[13] عون المعبود 4/ 117.

[14] كوثر المعاني في كشف خبايا صحيح البخاري لمحمد الخضر الشنقيطي 7/ 175.

[15] النوازل الكبرى 1/ 553.

[16] المنتقى 2/ 292 حديث رقم 378.

[17] مجموع فتاوى ومقالات 11/ 403

[18] مجموع الفتاوى 22/ 335 - 337.

[19] الشرح الممتع 2/ 52.

[20] شرح مسلم 6/ 21.

[21] الشرح الممتع 4/ 340.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير