فائدة: قد ينصر الله الدين ولو بتبع لابن كِرام.
ـ[حارث همام]ــــــــ[12 - 09 - 05, 12:24 م]ـ
وهذه فائدة مركبة:
1 - أولها موضوعها.
2 - وثانيها رؤسها.
3 - وثالثها في ضبط الفرقة المنحرفة (الكرامية).
ونكتة بعدها حول شيخ الإسلام وابن المرحل.
قال الذهبي:
"محمد بن الهيصم.
أبو عبد الله شيخ الكِرَامِيَّةِ وعالمهم في وقته بخراسان.
وهو الذي ناظر الإمام أبا بكر بن فورك بحضرة السلطان محمود بن سبكتكين. وليس للكرامية مثله في معرفة الكلام والنظر، فهو في زمانه رأس طائفته، وأخبرهم وأخبثهم. كما أن القاضي عبد الجبار في هذا العصر رأس المعتزلة، وأبا إسحاق الإسفراييني رأس الأشعرية، والشيخ المفيد رأس الرافضية، وأبا الحسن الحمامي رأس القراء، وأبا عبد الرحمن السلمي رأس الصوفية، وأبا عمر بن دراج رأس الشعراء، والسلطان محمود رأس الملوك، والحافظ عبد الغني الأزدي رأس المحدثين وابن هلال رأس الموجودين".
قال السيوطي:
"ويضم إلى هذا رأس الزنادقة الحاكم بأمر الله، ورأس اللغويين الجوهري، ورأي النحاة ابن جني، ورأس البلغاء البديع، ورأس الخطباء ابن نباتة، ورأس المفسرين أبو القاسم بن حبيب النيسابوري، ورأس الخلفاء القادر بالله، فإنه من أعلامهم تفقه وصنف وناهيك بأن الشيخ تقي الدين ابن الصلاح عده من الفقهاء الشافعية وأورده في طبقاتهم ومدته في الخلافة من أطول المدد".
تاقني نقل الذهبي لمعرفة خبر المناظرة بين ابن فورك وابن الهيصم.
وكالعادة شرقت وغربت فبحثت في التواريخ والتراجم، وأثناءذلك تذكرت رافع رؤوس رؤوس أهل السنة، مفتى الفرق وأعلم الأئمة بها، فقلت أيعقل أن لا يشير إليها وهي موضوعه!
فوجدته يذكرها في درء تعارض العقل والنقل قائلاً:
"وأظهر السلطان محمود بن سبكتكين لعنة أهل البدع على المنابر، وأظهر السنة وتناظر عنده ابن الهيصم وابن فورك في مسألة العلو، فرأى قوة كلام ابن الهيصم فرجح ذلك، ويقال إنه قال لابن فورك فلو أردت تصف المعدوم كيف كنت تصفه بأكثر من هذا؟ أو قال فرق لي بين هذا الرب الذي تصفه وبين المعدوم؟ وأن ابن فورك كتب إلى أبي إسحاق الإسفراييني يطلب الجواب عن ذلك، فلم يكن الجواب إلا أنه لو كان فوق العرش للزم أن يكون جسما.
ومن الناس من يقول إن السلطان لما ظهر له فساد قول ابن فورك سقاه السم حتى قتله .. ".
والخبر الأخير مما يقال ويحكى ولا يجزم به.
وقد حاول الرازي الانتصار له في مناظرة حول هذا المعنى دارات بين الاثنين الآنفين، فنقل كلامه شيخ الإسلام في تلبيس الجهمية ثم نسفه. [وفي بيان تلبيس الجهمية 2/ 330 وما بعدها كلام طويل حول هذه المناظرة].
وابن الهيصم هذا وصفه الذهبي هنا بالخبث وليست عادته في أمثاله، فابن الهيصم وإن كان من متكلمي الكلابية ورؤوسهم إلاّ أنه لم يسلك مسلك المشبهة منهم، وكان يثبت الصفات الأفعال الاختيارية أيضاً، ويثبت أن كلام الله ليس بقديم الآحاد وليس بمخلوق، ولم يسلم من بدع الكرامية الأخرى سواءً في الصفات بخوضهم في نفي الألفاظ المجملة مطلقاً، وغيرها، وكذلك في الإيمان كنحو قوله هو القول فقط. وله من المخالفات في الأصول غير هذا.
وأما الكرامية، فنسبتهم إلى محمد بن كرام السجستاني العابد المتكلم.
والمشهور أنها بتشديد الكاف، وهو على خلاف ما ذكره ابن الهيصم من أنه بكسرها أو فتحها مخففة، ولعل سبب اشتهار الأول هو ما ذكره ابن الصلاح: "قال أبو عمرو بن الصلاح ولا يعدل عن الأول، وهو الذي أورده بن السمعاني في الأنساب [يعني الضبط المذكور المشهور]، قال وكان والده يحفظ الكروم فقيل له الكرام".
إلاّ أن هذا تعقبه الذهبي فقال في الميزان:
"قلت هذا قاله بن السمعاني بلا إسناد وفيه نظر فان كلمة كرام علم على والد محمد الكرام سواء عمل في الكرم أو لم يعمل والله أعلم".
وأضاف عليه ابن حجر ما يقوي قول محمد بن الهيصم في ضبط رئيسهم فقال:
"قرأت بخط الشيخ تقي الدين السبكي، أن بن الوكيل اختلف مع جماعة في ضبط بن كرام، فصمم بن الوكيل على أنه بكسر أوله والتخفيف، واتفق الآخرون على المشهور.
فانشدهم بن الوكيل مستشهدا على صحة دعواه قول الشاعر:
الفقه فقه أبي حنيفة وحده * والدين دين محمد بن كرام
قال: وظنوا كلهم أنه اخترعه في الحال،وأن البيت من نظمه.
¥