تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ترجمة البيهقي]

ـ[العوضي]ــــــــ[10 - 09 - 05, 11:16 ص]ـ

[ترجمة البيهقي]

لفضيلة الشيخ نايف هاشم الدعيس

المحاضر بكلية الشريعة

ولد أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن عبد الله [1] بن موسى البيهقي في شعبان سنة أربع وثمانين وثلاثمائة [2] بقرية – خسرو جرد [3]- وعاش أربعاً وسبعين سنة وتوفي سنة ثمان وخمسين وأربعمائة في نيسابور [4] وحمل [5] منها إلى (بيهق) [6] فدفن بها.

وقد عاش في زمن عاصف بالفتن التي ضربت أمواجها بلاد الإسلام فابتلى المسلمون بلاءًا عظيماً وصاروا طوائف وأحزاباً يطعن بعضهم في بعض حتى طمع فيهم أعداؤهم وهاجم [7] ملك الروم بلاد الشام بجيوشه الجرارة على حين غفلة من المسلمين.

ولو لا ما قدر في كتاب لجاز البلاد والأموال وصدّع الصرح الشامخ الذي بناه رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.

وفي الوقت الذي يهاجم الروم فيه الشام تحاصر مدينة البصرة ويباع [8] نصف مدينة (الرها) بعشرين ألف دينار، ويدخل طغرلبك مدينة نيسابور وخراسان وما جاورها، وتتجدد الفتن في كل وقت وحين بين أهل السنة من جهة والشيعة والرافضة من جهة أخرى عمّ الذعر قلوب الناس وتخلخل الأمن ونهب [9] الأتراك كل من ورد إلى بغداد فشاع الغلاء وقلّ المورد، ولعن الخطباء الرافضة والأشاعرة على المنابر ونحي عن المناصب الشافعية فضج أهل خراسان وأرسل [10] البيهقي رسالته إلى عميد عبد الملك الكندري التي دافع فيها عن أهل السنة عامة وعن الأشعري وما نسب إليه خاصة دفاعاً قوياً لم يترك في نفس الوزير الكندري إلا أثراً عكسياً فتمادى في ظلمه وعد وأنه ولم يأبه بكل ما كتب إليه حتى مات (طغرلبك) وانتقل الأمر من بعده إلى ابن أخيه (ألب أرسلان) الذي نقم على الكندري أعماله فقبض عليه وقتله وأسند أمر الوزارة إلى (نظام الملك) الذي انتصر للشافعية وأبطل ما كان من سب الأشعرية.

وليس مهمّاً أن تُعدد الحوادث بقدر الإهتمام بمعرفة مدى تأثيرها على نفسه المملؤة إيماناً وورعاً ونزاهة وحباً للسنة، التي نصب نفسه للدفاع عنها والتمسك بها فجمع كل ما تحصل عليه ليجعل منه منهجاً يتسم بالتمسك بعرى وثيقة تستمد الهدي من مشكاة النبوة فتكشف الظلام الكثيف الذي هيمن على ربوع الأرض وأحاطها من كل جانب بسبب المطاحنة المذهبية والتعصبات الجاهلية.

وهكذا نراه يمضي قُدماً في ترسيخ الأسس التي قام عليها صرح الإسلام فألف الكتب وجمع فيها ما لم يتهيأ لغيره جمعه فاستوعب الكثير مما يتعلق بالعقائد والسنة والفقه. وكان جل اهتمامه متابعة ما أثر عن الشافعي بعد أن ثبت له تمسكه بالكتاب والسنة وأنه فاق غيره في ذلك.

ولم يكن البيهقي بالرجل الذي يطوع النصوص لمذهبه كما فعل غيره وإنما غرضه منها أسمى من أن يتحدث عنه بمثل ذلك.

وليس غريباً أن يسلك هذا السبيل وهو يتبع إماماً تمسك بالسنة وأوصى بها [11] ما بلغه منها وما لم يبلغه، حتى علق قوله بثبوت ما خفي عليه منها.

أضف إلى ذلك تلقيه العلم عن أئمة برزوا في مناحي الإجتهاد فكان كل واحد منهم جبلا شامخاً تتحطم عنده أمواج التعصب.

وقد انعكس ذلك على مؤلفاته فجاءت صورة صادقة للتعبير عما ينطوي عليه نفسه من حب وإيثار للسنة على غيرها وميول نحو الحق وإن أدى إلى مخالفة الإمام الذي [12] تولى الدفاع عنه، واشتهر بحبه له، فصنف التصانيف لنصرة [13] مذهبه حتى اشتهر عن إمام الحرمين قولته المشهورة " ما من شافعي المذهب إلا وللشافعي عليه منه، إلا أحمد البيهقي فإن له على الشافعي منه " [14]. وقال الذهبي:" إن البيهقي أول من جمع نصوص الشافعي " [15]، وردّ عليه السبكي [16] ورجح أنه آخر من جمع نصوصه، وأيده السيد أحمد صقر [17] بما نقله عن البيهقي نفسه وأنه ذكر ثلاثة كتب [18] سبقه مؤلفوها إلى جمع نصوص الشافعي فيها والظاهر أن الذهبي قال ذلك في حقه باعتبار استيعابه في مصنفاته أكثر - أو كل - ما في كتب السابقين، وبهذا تجتمع الأقوال التي اتفقت على تفوق البيهقي في هذا المضمار على كل من شارك فيه.

(صفاته)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير