تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عوارض العين فيها التي تعرض في صدور الرجال من أمر النساء، وفي صدور النساء من أمر الرجال، وأحرى من أن لا يكون للشيطان عليكم وعليهن سبيل" وقال القرطبي:" في هذه الآية دليل على أن الله تعالى أذن في مسألتهن من وراء حجاب في حاجة تعرض أو مسألة يُستفتين فيها، ويدخل في ذلك جميع النساء بالمعنى، وبما تضمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة بدنها وصوتها كما تقدم، فلا يجوز كشف ذلك إلا لحاجة: كالشهادة عليها، أو داء يكون ببدنها، أو سؤالها عما يَعرِض وتَعَيَّن عندها" وقال أبو بكر الجصاص:" قوله تعالى:وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب، قد تضمن حظر رؤية أزواج النبي ? وبين به أن ذلك أطهر لقلوبهم وقلوبهن، لأن نظر بعضهم إلى بعض ربما حدث عنه الميل والشهوة، فقطع الله بالحجاب الذي أوجبه هذا السبب، قوله تعالى: وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله، يعني بما بين في هذه الآية: من إيجاب الاستئذان، وترك الإطالة للحديث عنده، والحجاب بينهم وبين نسائه، وهذا الحكم وإن نزل خاصا في النبي ? وأزواجه فالمعنى عام فيه وفي غيره؛ إذ كنا مأمورين باتباعه والاقتداء به إلا ما خصه الله به دون أمته"

2 - ومن أدلة الأمر بالحجاب قول الله عز وجل:"يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما" [الأحزاب:59] فهذا أمر من الله تعالى لرسوله المبلغ عنه وحيه وشرعه أن يأمر أزواجه وبناته ونساء المؤمنين بالإدناء من الجلابيب أي بإرخاء الجلابيب على وجوههن من فوق رؤوسهن فيغطين بذلك وجوههن وأبدانهن، والجلابيب جمع جلباب، والجلباب هو الثوب الذي تشتمل به المرأة فيغطي جميع الجسد، وقد استُخدِمت في لغة العرب-التي بها نزل القرآن-عدة ألفاظ تؤدي ما يؤديه لفظ الجلباب من معنى، قال ابن حجر رحمه الله تعالى في بيان تلك الأسماء:"الجِلْباب وهو بكسر الجيم وسكون اللام وبموحدتين بينهما ألف، قيل: هو المقنعة أو الخمار أو أعرض منه، وقيل: الثوب الواسع يكون دون الرداء، وقيل: الإزار، وقيل: الملحفة، وقيل: المُلاءة، وقيل: القميص" فكل هذه ألفاظ متقاربة في المعنى يراد بها الثوب الذي يستر البدن كله، وقوله:"يدنين" أي يقربن "من جلابيبهن" أي شيئا من جلابيبهن والمعنى يقربن إلى وجوههن شيئا من جلابيبهن فيغطين بها وجوههن،، وقد فسر جمع من أهل العلم قديما وحديثا آية الجلابيب بتغطية المرأة لوجهها في مواجهة الرجال الأجانب فمن هؤلاء ابن جرير الطبري قال رحمه الله تعالى:" يقول تعالى ذكره لنبيه محمد ?: يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين: لا تشتبهن بالإماء في لباسهن إذا هن خرجن من بيوتهن لحاجتهن فكشفن شعورهن ووجوههن ولكن ليدنين عليهن من جلابيبهن لئلا يعرض لهن فاسق إذا علم أنهن حرائر بأذى من قول" فبين رحمه الله تعالى أن الإدناء المأمور به يعني تغطية الشعور والوجوه يخالفن الإماء بذلك ليدل على أنهن حرائر، ثم بين الطبري أن أهل التفسير منهم من قال بهذا القول الذي اختاره ومنهم من لم يقل به، فقال:" ثم اختلف أهل التأويل في صفة الإدناء الذي أمرهن الله به فقال بعضهم: هو أن يغطين وجوههن ورءوسهن فلا يبدين منهن إلا عينا واحدة ... وقال آخرون: بل أمرن أن يشددن جلابيبهن على جباههن" وقد ذكر ابن جرير من قال بكل قول من هذين القولين من أهل التفسير، وقال أبو بكر الجصاص:" يدنين عليهن من جلابيبهن:قال أبو بكر:في هذه الآية دلالة على أن المرأة الشابة مأمورة بستر وجهها عن الأجنبيين وإظهار الستر والعفاف عند الخروج، لئلا يطمع أهل الريب فيهن، وفيها دلالة على أن الأمة ليس عليها ستر وجهها وشعرها لأن قوله تعالى ونساء المؤمنين ظاهره أنه أراد الحرائر" وقال القرطبي:" لما كانت عادة العربيات التبذل وكن يكشفن وجوههن كما يفعل الإماء، وكان ذلك داعية إلى نظر الرجال إليهن وتشعب الفكرة فيهن، أمر الله رسوله ? أن يأمرهن بإرخاء الجلابيب عليهن إذا أردن الخروج إلى حوائجهن، وكن يتبرزن في الصحراء قبل أن تتخذ الكنف، فيقع الفرق بينهم وبين الإماء فتعرف الحرائر بسترهن فيكف عن معارضتهن من كان عذبا أو شابا" وقال في معنى الجلباب:"والصحيح أنه الثوب الذي يستر جميع البدن" وكلام القرطبي هنا واضح في أنه يفسر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير