تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الثاني: ما نقله أهل العلم في كتبهم من تتابع نساء المؤمنين على ستر وجوههن عن الرجال الأجانب قال ابن حجر رحمه الله تعالى:"ولم تزل عادة النساء قديما وحديثا يسترن وجوههن عن الأجانب" ونقل عن الغزالي قوله:"لم تزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه، والنساء يخرجن متنقبات".

تنبيه:

قد يفهم بعض الناس من حديث الباب أن المرأة المحرمة يجب عليها أن تكشف وجهها وكفيها، ولا تسترهما عن أعين الرجال، لأنها نُهيت عن لبس النقاب والقفازين، لكن هل مَنْعُ النساء من ذلك يعني منعهن من ستر وجوههن عن نظر الرجال الأجانب بغير النقاب؟ والجواب أنه ليس هناك ما يمنع النساء من ستر وجوههن وهن محرمات عن الرجال الأجانب، كل ما هناك أنها لا تستعمل النقاب في ذلك، وقد بين أهل العلم العلة في ذلك وهو أنه مصنوع على قدر الوجه، فالمنع من تغطية عضو أو جزء من الجسد بغطاء مصنوع على قدره يحيط به لا يقتضي المنع من ستره بالكلية بغير ذلك النوع من الغطاء، فإن الرجل المحرم يحرم عليه لبس السراويل ومع ذلك فلا يحرم عليه تغطية المكان نفسه بإزار بل يجب عليه تغطيته، وقد دل على أن النساء المحرمات يغطين وجوههن عند حاجتهن إلى ذلك إذا اقترب منهن الرجال أو اقتربن هن من الرجال، ما روته السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها قالت:"كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله ? محرمات، فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه" وقول الصحابي كنا نفعل كذا ونحن مع رسول الله ? أو كنا نفعل على عهد رسول الله ? صيغة لها حكم الرفع كما قرر ذلك علماء الأصول و ما روته فاطمة بنت المنذر عن أسماء قالت:"كنا نغطي وجوهنا من الرجال وكنا نتمشط قبل ذلك في الإحرام"، وعن عائشة رضي الله عنها قالت:" المحرمة تلبس من الثياب ما شاءت إلا ثوبا مسه ورس أو زعفران ولا تتبرقع ولا تلثم وتسدل الثوب على وجهها إن شاءت" وروى سعيد بن منصور بسنده عن عائشة قالت:"تسدل المرأة جلبابها من فوق رأسها على وجهها" وقال ابن حجر:"وقال بن المنذر: أجمعوا على أن المرأة تلبس المخيط كله والخفاف، وأن لها أن تغطي رأسها وتستر شعرها، إلا وجهها فتسدل عليه الثوب سدلا خفيفا تستتر به عن نظر الرجال ولا تخمره، إلا ما روي عن فاطمة بنت المنذر قالت:كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات مع أسماء بنت أبي بكر، تعني: جدتها، قال:ويحتمل أن يكون ذلك التخمير سدلا، كما جاء عن عائشة قالت:كنا مع رسول الله ? إذا مر بنا ركب سدلنا الثوب على وجوهنا ونحن محرمات، فإذا جاوزنا رفعناه، انتهى، وهذا الحديث أخرجه هو من طريق مجاهد عنها وفي إسناده ضعف "، لكن هذا السدل الذي تفعله المرأة المحرمة هل يجب عليها أو يشرع لها من غير وجوب عليها، الذي يظهر مما تقدم أن ذلك يشرع لها ولا يجب عليها، فقد قالت عائشة في الأثر الذي رواه البيهقي:"وتسدل الثوب على وجهها إن شاءت" فعلقت السدل على مشيئتها، ولو كان يحب عليها لم تعلقه على ذلك، وقال ابن عبد البر:" وعلى كراهية النقاب للمرأة جمهور علماء المسلمين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من فقهاء الأمصار أجمعين، لم يختلفوا في كراهية الانتقاب والتبرقع للمرأة المحرمة، إلا شيء روي عن أسماء بنت أبي بكر: أنها كانت تغطي وجهها وهي محرمة، وروي عن عائشة أنها قالت:تغطي المحرمة وجهها إن شاءت، وقد روي عنها أنها لا تفعل، وعليه الناس"،إلى أن يقول:" ولا خلاف بين العلماء بعد ما ذكرنا، في أنه جائز للمرأة المحرمة لباس القمص والخفاف والسراويلات، وسائر الثياب التي لا طيب فيها، وأنها ليست في ذلك كله كالرجل، وأجمعوا أن إحرامها في وجهها دون رأسها، وأنها تخمر رأسها وتستر شعرها وهي محرمة، وأجمعوا أن لها أن تسدل الثوب على وجهها من فوق رأسها سدلا خفيفا، تستتر به عن نظر الرجال إليها، ولم يجيزوا لها تغطية وجهها وهي محرمة إلا ما ذكرنا عن أسماء، روى مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر أنها قالت:كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات مع أسماء بنت أبي بكر الصديق، وقد يحتمل أن يكون ما روي عن أسماء في ذلك كنحو ما روي عن عائشة أنها قالت:كنا مع رسول الله ? فإذا مر بنا راكب سدلنا الثوب من قبل رؤوسنا وإذا جاوزنا الراكب رفعناه" وذكر ابن القاسم:" أن مالكا كان يوسع للمرأة أن تسدل رداءها من فوق رأسها على وجهها إذا أرادت سترا، وإن كانت لا تريد سترا فلا تسدل" وهذا الذي ذكره ابن عبد البر احتمالا وكذلك ابن المنذر، قد جاء ما يؤيده في رواية فاطمة المتقدمة التي أخرجها سعيد بن منصور فإن فيها "كنا نغطي وجوهنا من الرجال" فبينت أنهن كن يغطين وجوههن، ولم تقل:نخمر، وبينت أيضا أن ذلك لم يكن على الدوام، إنما ذلك بسبب الرجال أي عند مرور الرجال، والمقصود بيان أن ستر المحرمة لوجهها عن نظر الرجال بطرف ثوبها ليس على سبيل الحتم والوجوب إنما ذلك مما يجوز لها إن شاءت ذلك.

فوائد وأحكام دل عليها الحديث:

وقد دل الحديث على كثير من الفوائد والأحكام فمن ذلك:

1 - المرأة المحرمة بحج أو عمرة لا يجوز لها أن تنتقب أو تلبس القفازين

2 - المرأة المحرمة يجوز لها أن تستر وجهها أو يديها بغير النقاب أو القفاز، فيجوز لها أن تسترهما بأي ساتر لم يصنع على قدر العضو المستور

3 - ستر الوجه وتغطيته كان من شأن النساء في عصر النبوة

4 - تعليق ذلك الحكم بالمرأة يعني أن الرجل المحرم لا حرج عليه في تغطية وجهه بالتلثم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير