تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الذهبي: "وقد روى عنه البخاري في الصحيح، على الصحيح، ولكنه يدلسه، يقول: حدثنا عبد الله، ولا ينسبه، وهو هو، نعم علق البخاري حديثا فقال فيه: قال الليث بن سعد، حدثني جعفر بن ربيعة، ثم قال في آخر الحديث: حدثني عبد الله بن صالح، حدثنا الليث، فذكره. ولكن هذا عند ابن حمّويه السرخسي دون صاحبيه، وفي الجملة ما هو بدون نعيم بن حماد، ولا إسماعيل بن أبي أويس، ولا سويد بن سعيد، وحديثهم في الصحيحين، ولكل منهم مناكير تغتفر في كثرة ما روي".

فإذا كان هذا رأي الذهبي فيه، وابن عدي، وأبي زرعة، والبخاري، فكيف يرد حديثه جملة وتفصيلا؟

ثم إن ثناء الإمام أحمد وقبوله، والإمام البخاري، وابن أبي حاتم، وابن حجر:

ما في صحيفة علي بن أبي طلحة تعديل وقبول ضمني لرواية أبي صالح عبد الله بن صالح، إذ هو أحد رواة هذه الصحيفة.

وأمر أخير هو: أن هذه الرواية معتضدة بأثر عبيدة السلماني، الذي بنفس معناها، لكن الشيخ كذلك ضعفها، من وجوه هي [الرد المفحم 55 - 57] ما يلي:

1 - قال الشيخ رحمه الله تعالى: "إنه مقطوع، موقوف، فلا حجة فيه؛ لأن عبيدة السلماني تابعي، اتفاقا، فلو أنه رفع حديثا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لكان مرسلا، لا حجة فيه، فكيف إذا كان موقوفا عليه كهذا، فكيف وقد خالف تفسير ترجمان القرآن: ابن عباس، ومن معه من الأصحاب؟ ".

هنا يقال:

• أولا: هذا الأثر سنده كالشمس، لا مطعن فيه بوجه.

• ثانيا: ليس رفع الأثر محل الاحتجاج، فهذا لم يدعه أحد، بل في كونه حكاية قول جماعة من السلف في معنى الآية، وهذا ثابت بثبوت سنده.

• ثالثا: لو فرض جدلا مخالفته رأي ابن عباس، فليس دليلا على ضعفه، إذ هو أثر مستقل، وليس رواية عن ابن عباس، فكيف وهو موافق تمام الموافقة لقول ابن عباس رضي الله عنهما؟.

2 - قال: "إنهم اضطربوا في ضبط العين المكشوفة فيه، فقيل: (اليسرى)، كما رأيت، وقيل: (اليمنى)، وهو رواية الطبري (22/ 33)، وقيل: (إحدى عينيه)، وهي رواية أخرى له".

يقال: الاضطراب في المتن هو: الاختلاف بين ألفاظ الروايات، على وجه لا يمكن الترجيح بينها. والاختلاف هنا ليس من هذا القبيل ألبتة، بل هو متصور، أن يقول أحدهم: اليمنى. والآخر: اليسرى. فالغلط هنا وارد، لكنه ليس بالغلط القادح في الرواية. [6]

هذا والشيخ نفسه قد قبل مثل هذا الاختلاف في حديث أسماء المشهور في كشف الوجه، ولم يرده بدعوى الاضطراب، بل شنع على من رده، فقال [الرد المفحم ص109]:

" نعم لقد شغب العنبري على المتن من ناحية واحدة، فقال: نرى الرسول صلى الله عليه وسلم في الطريق الأولى يشير إلى الوجه والكفين، وفي الطريق الثانية لم يبد إلا أصابعه.

فأقول: نعم، ولكن ما بالك كتمت اتفاق الطريق الثالثة، الصحيحة إلى قتادة باعترافك، مع الطريق الأولى؟! أليس هذا مما يرجح لفظ: (الكفين) على (الأصابع) ".

فالشيخ هنا لم يحكم على الحديث بالاضطراب، مع كونه ورد في رواية بلفظ: (الوجه والكفين)، وفي الأخرى بلفظ: (الأصابع)، لكنه حكم بالاضطراب على أثر عبيدة السلماني بالاضطراب؛ لأنه روي من طريق بلفظ: (العين اليمنى)، وفي أخرى: (اليسرى)، وفي ثالثة: (إحدى عينيه) .. !!.

الذي نعلمه أن الغلط في تحديد العين وارد، ومن ثم فلا وجه للحكم على الأثر بالاضطراب.

وانظر بعد هذا إلى كلام الشيخ، وهو يعلق على حديث عبيدة [الرد المفحم 56]:

"وإذا عرفت هذا، فاعلم أن الاضطراب عند علماء الحديث علة في الرواية تسقطها عن مرتبة الاحتجاج بها، حتى ولو كان شكليا كهذا؛ لأنه يدل على أن الراوي لم يضبطها ولم يحفظها".

ويقال هنا: على هذا الميزان يجب كذلك إسقاط حديث أسماء؛ لأن العلة ذاتها موجودة فيه .. !!.

مع ملاحظة أن الشيخ أبلغ الجهد في تصحيحه، حتى إنه استغرق قرابة 50 صفحة في الكلام عنه في الرد المفحم [من ص79 - 127].

3 - قال: "ذكره ابن تيمية في الفتاوى (15/ 371) بسياق آخر يختلف تماما عن السياق المذكور، فقال: "وقد ذكر عبيدة السلماني وغيره: إن نساء المؤمنين كن يدنين عليهن الجلابيب من فوق رؤوسهن، حتى لايظهر إلا عيونهن، لأجل رؤية الطريق".

يقال: من الواضح أن شيخ الإسلام كان يروي الأثر نفسه، لكن بالمعنى، وليس من طريق آخر، ويحكي تاريخا واقعا، فلا أدري كيف يكون هذا دليلا على ضعف الرواية الأصل وبطلانها؟!!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير