تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الترمذي: عقب حديث لعن رسول الله ? زوارات القبور: وقد رأى بعض أهل العلم أن هذا كان قبل أن يرخص النبي ? في زيارة القبور فلما رخص دخل في رخصته الرجال والنساء (). وقال ابن عبد البر: قال بعضهم كان النهي عن زيارة القبور عاماً للرجال والنساء ثم ورد النسخ كذلك بالإباحة عاماً أيضا فدخل في ذلك الرجال والنساء ().

وقال أبو عمر ابن عبد البر: ممكن أن يكون هذا قبل الإباحة وتوقى ذلك للنساء المتجالات أحب إلي فأما الشواب فلا تؤمن الفتنة عليهن وبهن حيث

خرجن ولا شيء للمرأة أفضل من لزوم قعر بيتها ().

وقال الحاكم: وهذه الأحاديث المروية في النهي عن زيارة القبور منسوخة والناسخ لها حديث علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه عن النبي ? قد كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها ()، وقال الحاكم أيضاً: عقب رواية زيارة فاطمة رضي الله عنها لقبر عمها حمزة ?: وقد استقصيت في الحث على زيارة القبور تحرياً للمشاركة في الترغيب وليعلم الشحيح بذنبه أنها سنة مسنونة وصلى الله على محمد وآله أجمعين (). وأما زيارة قبر النبي ? فالإجماع منعقد على مشروعيتها وفضلها، قال النووي: اعلم أن زيارة قبر رسول الله ? من أهم القربات وأنجح المساعي ().

وقال الحافظ ابن حجر: الإجماع على مشروعية زيارة قبر النبي ? وما نقل عن مالك أنه كره أن يقول: زرت قبر النبي ? وقد أجاب عنه المحققون من أصحابه بأنه كره اللفظ أدباً لا أصل الزيارة فإنها من أفضل الأعمال وأجل القربات الموصلة إلى ذي الجلال وأن مشروعيتها محل إجماع بلا نزاع والله الهادي إلى الصواب (). الثاني: أنما استدل به أصحاب الثاني لم يصح منه إلا حديث أبي هريرة ? في لعن زوارات القبور، وحديث أم عطية في النهي عن اتباع الجنائز، أما حديث أبي هريرة ? فعلى قول أكثر العلماء أنه منسوخ بحديث الإذن في الزيارة كما تقدم، وأن هذا اللعن كان قبل الرخصة التي في حديث عبد الله بن بريدة ? المتقدم كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ويحتمل أن المراد به المكثرات من الزيارة كما يدل على ذلك لفظ زوارات بصغة المبالغة. قال القرطبي: هذا اللعن إنما هو: للمكثرات من الزيارة لما تقتضيه الصيغة من المبالغة ولعل السبب ما يفضي إليه ذلك من تضييع حق الزوج وما ينشأ منهن من الصياح ونحو ذلك فقد يقال إذا أمن جميع ذلك فلا مانع من الإذن لأن تذكر الموت يحتاج إليه الرجال والنساء ().

وقال الشوكاني: وهذا الكلام هو الذي ينبغي اعتماده في الجمع بين أحاديث الباب المتعارضة في الظاهر ().

وأما ما قاله الشيخان ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله: من أن زيارة النساء للقبور يترتب عليها من المفاسد والفواحش من فتنة الأحياء وإيذاء الأموات والفساد الذي لا سبيل لدفعه إلا بمنعهن ().

التعقيب: قلت: هذه المفاسد وجودها ليس مطرداً فلا يمنع حكم شرعي بما ليس مطرداً لأنها قد لا توجد ولأن الأصل السلامة من جميع العوارض، وإذا وجد عارض من هذه العوارض فالممنوع هو هذا العارض المانع من الزيارة وليس نفس الزيارة، وأيضاً هذه الموانع من فتنة أو نياحة أو تبرج أو اختلاط ممنوعة باتفاق العلماء سواء في وقت الزيارة أو في غيرها، وكل العلماء القائلون بجواز زيارة النساء للقبور يشترطون انتفاء هذه الموانع من نياحة وتبرج واختلاط أو أي فتنة كما تقدم. قال الشوكاني: ويجمع بين الأدلة بأن المنع لمن كانت تفعل في الزيارة ما لا يجوز من نوح وغيره والإذن لمن لم تفعل ذلك ().

الثالث: أنما استدل به أصحاب القول الثالث بالترخيص للقواعد فإنه لا ينضبط لأن لكل ساقطة لاقطة، وهو من محترزات أصحاب القول الأول لأن الضابط: هو انتفاء الموانع من نياحة، أو تبرج، أو اختلاط، أو فتنة سواء للقواعد أو الشابات.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير