تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والعجيب أنَّ الكاتِبَ يُنافِح ويُناظِر في إثباتِ ما يُريد وكأنَّ الحقَ معه، بما قد يجِدُ كلامُه مَحِلا في القلوب المريضة، واللهُ المُستعان؛ فيقول ص 54: "وفقنا الله إلى الصحيح من الأمر، وأيدنا على الشجاعة في إبداء الرأي، وساعدنا على الاعتراف بالخطأ إن ظهر وجه الصواب"!!! ويقول ص 6: "إن القافلة لابُدَّ أن تسير؛ لأن العواء سوف يَخفُت ثم يَصمُت أمامَ قوةِ الحَق وقُدرَةِ الصِدْق"!!!؟؟؟

.طليعة التقويم التفصيلي للكتاب:

1 - لم يَستَهِلِ الكاتِبُ كِتابَه بالتَّسمية أو حَمدِ الله والصلاة والسلام على رسوله (صلى الله عليه وسلم)، فجاء الكِتاب مَبتورًا أجذمًا، وهذا –واللهِ- مِن خُذلان اللهِ له، ومِن أكبَرِ الدلائِل على سوء نيّتِه، وقُبْح قَصدِه، فاللهُ حَسيبُه.

2 - أورد الكاتِبُ عددَ الأحاديث التي جَمَعَها كلٌ مِن الأئمة: البخاري ومسلم ومالك بن أنس وأبو داود، في كُتُبِهم؛ وهي –على الترتيب-: (ستمائة ألف، ثلثمائة ألف، مائة ألف، خمسمائة ألف)، وقارنَها بعدد الأحاديث التي أخرجَها كلٌ مِنهم في كتابِه الذي صَنَفَه؛ (الصحيحَين، الموطأ، سنن أبي داود)؛ وهي –على الترتيب-: (2762 بدون المُكَرَر، 4000، 5000، 4800). ثم قال: "ومِنْ هذا يظهر الكَمُ الهائِل فيما روي من أحاديث (منحولة) عَن النبي (صلى الله عليه وسلم)، لم يَخْرُجْ منها إلا ما يُقابِل واحدًا في المائة، من وجهة نَظَرِ كُلِ جامِعٍ لَهَا" اهـ ص/11، وانظر ص/ 104 أيضًا.

قلتُ: هكذا حَكَمَ الكاتِبُ -دون تحقيقٍ أو دِرايةٍ- على ما جَمَعَه الأئمةُ مِن الأحاديث ولم يُدخِلوه في مُصنفاتِهم بأنَّه مَنحول ومكذوبٌ على النبي (صلى الله عليه وسلم)!

وهذا فيه نظرٌ كبيرٌ، يَجعلُنا نَجزِمُ بأنَّ الكاتِب يُحاوِلُ أن يطعنَ في سُنَة النبي (صلى الله عليه وسلم) بكُلِ طاقتِه؛ بالكَذِب والبُهتان وقَلب موازين الأمور والتدليس والغِش وغيرِه؛ فاللهُ حسيبُه:

اعلَم –علمَني الله وإيَّاك- أنَّ البخاري ومسلم –رحمهما الله- لم يستوعِبا في كِتابَيهما كُلَ الصحيح ولم يلتَزِما ذلك؛ ومعنى ذلك أنَّ الصحيحَ خارِجَ كتابِهما كثيرٌ. يقول (البخاري) –رحمه الله-: "ما أدخلتُ في كِتابِ الجامِع إلا ما صَحَ وتركتُ مِن الصِّحاح لحال الطول"، وقال أيضًا: "أحفَظُ مائة ألف حديث صحيح" (يدْخُل فيها آثار الصحابة والتابعين والأحاديث المكررة الأسانيد)، وقال (مسلم) –رحمه الله-: "ليس كُلُ صحيحٍ وضعتُه هُنا؛ إنَّما وضعتُ هُنا ما أجمَعوا عليه" (أي: ما أجمعوا عليه مِن شرائط الصحيح).

فعُلِم مِن هذه النصوص عَن هذَين الإمامَين الجليلَين أنَّ الأحاديث التي لم يُدخِلاها في كِتابَيهما لا يُفهَم أنَّها مَنحولَةٌ؛ بل الصَّحيح فيها كثير.

أنا أتسائلُ حتى الساعة: مِن أين استنبطَ الكاتِبُ الفَذُّ (!) أنَّ ما جَمَعه الأئمةُ المذكورون منحولا؟! وهل معنَى أنَّ إمامًا مِن الأئمة أغفَل إخراجَ بعضِ الأحاديث في كتابِه دون بعضها، أنَّها مَنحولَةٌ على رسولِ الله (صلى الله عليه وسلم)؟!

إنَّ المُصنِف يضَع بعضَ الأحاديث في كتابِه دون الأخرى لغرضٍ مِن أغراض التَّصنيف العديدة؛ والتي مِن أهمِها: خَشيةِ الطول والمَلل (كما فَعَلَ الإمامُ البخاري –رحمه الله-)، التزامِ مَنهج وشَرطٍ مُعَين (كالشروط التي اشترطها الأئمة عِند تصنيف مُصنفاتِهم -كما ما فَعَلَ الإمامُ البخاري ومسلم –رحمهما الله- وكما اشترط الإمام مالك –رحمه الله- ألا يُدخِلَ في كتابِه إلا مَن يُحتَجُ بحديثِه-).

ولو تأمَل المُنصِفُ في مناهِج الأئمة الأربعة المذكورين وشروطِهم لعَلِم الدافِعَ الذي دَفَعَهم إلى اختيار هذا العدد القليل مِن الأحاديث لوضعِها في مُصنفاتِهم، على الرغم مِن ضخامَة ما جمعوه، واللهُ المُستعان.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير