تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

5 - قوله: "الترمذي أبو عيسى محمد بن عيسى 815 – 892م" هو الذي وضع وصف الحديث بثلاثة أوصاف: صحيح وحسن وضعيف. فهذا الوضع لم يجتمع عليه الأئمة؛ وإنما هو من وضع رجل فرد من علماء الأمة، يمكن الأخذ به أو الإعراض عنه أو وضع أوصاف أخرى غيرها" اهـ ص/ 11: 12.

قُلتُ: أنا أتسائلُ: لماذا أرّخ الكاتِبُ تاريخ مولِد ووفاة الإمام (التِّرمذي) –رَحِمَه الله- بالتاريخ الصِّليبي؟!

وقولُه: "التِّرمذي ... هو الذي وضع وصف الحديث بثلاثة أوصاف: صحيح وحسن وضعيف"؛ فاعْلَم أنَّ العُلماء اختلفوا في أول مَن أطلق الحَسَنَ على الحَديث المَعروف باسم "الحَديث الحَسَن" على أقوال، يَرَى شيخُ الإسلام (ابن تَيميّة) –رَحِمَه الله- أن (التِّرمذي) –رَحِمَه الله- هو أول مَن اصطلح على تَقسيم الحَديث إلى صَحيح وحَسَن وضَعيف، وأنَّ مَن قَبل (التَّرمذي) كانوا يُقَسِّمون الحَديث إلى صَحيحٍ وضَعيفٍ فَقَط؛ "والضَعيف عِندَهم نوعان: ضَعيفٌ ضَعفًا لا يُمتَنَعُ العَمَلُ به وهو يُشبِه "الحَسَنَ" في اصطلاح (التِّرمذي)، وضَعيفٌ ضَعفًا يوجِبُ تَركَه وهو الواهي" اهـ مِن "مجموع الفتاوي" (18/ 23).

فعلى أي حالٍ فسواء كان التِّرمذي هو أول مِن قَسَّمَ الحَديثَ إلى هذه التَّقسيمات الثلاثة أو كان هذا التَّقسيمُ قَبْلَه؛ فإنَّ هذا ما هو إلا اختلافٌ في الاصطلاح، ولا مُشاحَّةَ في الاصطلاح، فمَن قَسَّم الحَديث –قَبْلَ الإمام (التِّرمذي) - إلى صَحيحٍ وضَعيفٍ فقط يكون الحَسَنُ داخلا في الصَّحيح.

والآنَ أسوقُ ما تَيَسّر مِن أسماء الأئمة الذين عَرَفوا "الحَديث الحَسَن" قبلَ وبَعدَ الإمامِ (التِّرمذي) –رَحِمَه الله- حتى يعلمَ المؤلِّفُ هل فِعلا "هذا الوضع لم يجتمع عليه الأئمة" أم لا؟! سُفيانُ الثَوري، الشافعي، يحيى بن سَعيد القَطان، أحمد بن حَنبَل، مُحمَد بن يحيى الذهلي النَّيسابوري، البخاري، أبو حاتم الرازي، النَّسائي، أبو داود السجستاني، (التِّرمذي)، الدارقُطني، البَيهقي، ابن الصَّلاح، النووي، ابن تيمية، الذَهبي، ابن كثير، ابن رجب الحَنبَلي، ابن التُركماني، العلائي، العراقي، ابن حَجَرٍ العسقلاني، السخاوي. فهل القومُ إلا أولئك؟! فهؤلاء هم مَن لا يشقَى جَليسُهم!

قولُه: "لم يَجتمِع عليه الأئمةُ" حُجَةٌ عليه لا له؛ فمَهومُ قولِه هذا: أنَّ ما اجتمَعَ عليه الأئمة حُجَةٌ، والأئمة مُجمِعون على أنَّ الحَديثَ "الآحاد" مِنه ما هو صَحيحٌ (مَقبول) ومِنه ما هو ضَعيفٌ (مَردود)، فهَل يأخُذ المؤلِّفُ بهذا الإجماع؟! وإن أخذ بهِ فهو يُقِرُّ –إذَن- أنَّ هُناك أحاديثَ صَحيحَةً، والأحاديث الصَّحيحة يَجِبُ العَمَلُ بها بإجماعِ العُلماء جَميعًا، فلماذا قال المؤلِّف عَنها (ص 115) أنَّها: "أحاديثٌ ظنية لا يؤخَذُ بها في المسائل الاعتقادية؛ فلا هي تتصل بالدين ولا هي تتعلق بالشريعة، وأنَّه يمكن إنكارُ استقلالِها بفرض الفروض الدينية أو بإيجاب الواجبات الدينية، دون أن يؤخَذ على المُنكِر شئٌ"؟!!

6 - قوله (ص 12): "ثَبَت لنا – [يعني: نفسَه]- أنَّ أهم حديثين يؤثران في الفكر الإسلامي، ويصوغان العمل الإسلامي؛ لا يوجدان في أية مجموعة من مجموعات الأحاديث المُعترَف بها، هذا الحديثان هما: "تناكحوا تناسلوا فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة"، "مَن رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطِع فبلسانِه، فإن لم يستطِع فبقلبِه، وهو –كذا- أضعف الإيمان".

قُلتُ: يبدو أنَّ الكاتِبَ لم يَقتني في مكَتبَتِه الخاصَّة ثاني أصح كُتُب السُّنَة بَعد «صَحيح البُخاري»؛ وهو «صَحيح مُسلِم»! لأنَّ حَديثَ "مَن رأى مِنكم مُنكرًا فليُغَيرْه ... " رواه مُسلِم (49) وأيضًا رواه الإمام أحمد في "مُسنَدِه" (10766) والتِّرمذي (2172) وأبو داود (1140) والنَّسائي (5008) وابن ماجة (4013)!!! أم أنَّ «صحيح مُسلِم» ليس مِن "مجموعات الأحاديث المُعترَف بها" عِند المؤلِّف؟! أم أنَّ الأمرَ كما يقولون "رَمَتني بدائِها وانسَلَت"!

وأمَّا حَديث "تناكحوا تناسلوا ... "؛ فليس لدي مِن المراجِع ما يكفي لتَخريجِه، أرجو مِن الإخوة المُشارِكين أن يُسعِفونَني بتخريجِه، وجزاهم الله خيرًا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير