تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

7 - قوله (ص 117): "ففي الحديث "لا تُقْبَل صلاة الحائض إلا بخمار" ... هذا الحديث يفيد بوضوح أن شعر المرأة لم يكن يغطى "وفقًا لحديث إذا عركت المرأة"، وأنه من ثم كان يوضع عليه خمار أثناء الصلاة ... فالوصية بأن تغطي المرأة رأسها بخمار عند الصلاة يفيد –بمفهوم المخالفة- أن هذا الرأس لم يغطى قبل الصلاة، أي أن غطاء الرأس وصية للمرأة عند الصلاة، لكنه لا يلزم فيما عدا ذلك، ولا أساس متينًا للقول بغير ذلك؛ بل هي آراء متضاربة يشد بعضها أزر بعض، فيقوض بعضها كل بعض". ويقول ص 75: "فلو أن الأصل أن تضع المرأة غطاء على رأسها عمومًا، لما كانت ثمة وصية –ولا مناسبة- لأن يُطلب منها وضع خمار على رأسها أثناء الصلاة. فحديث الخمار يفيد أن المرأة لم تكن دائمًا ولا أصلا تضع على رأسها، وأن الحديث يوصي بأن تضع خمارًا على رأسها (لتغطي شعرها) وقت الصلاة، ووقت الصلاة فقط" اهـ! وانظر أيضًا ص 79 و120.

قُلتُ: هذا الكلامُ كلُه باطِلٌ، وهاك البيان:

1 - وقع الكاتبُ في تخبُّط وتناقُّض شَديدَين؛ فبينما هو يُصَرِح (ص 120): "أنه لا يؤخذ بأحاديث "سنة" الآحاد" في الأمور الاعتقادية –التي تتصل بالدين أو تتعلق بالشريعة- لأن هذه الأمور ينبغي أن تنبني على اليقين ولا تؤسس على الظنون، ومن ثم فإنه لا يقوم بحديث "سنة" الآحاد" فرض ديني أو واجب ديني، وإنما يعمل بهذا الحديث في شئون الحياة الجارية، على سبيل الاستئناس والاسترشاد" اهـ[وسيأتي الرَّدُ على هذه الشُّبهَة في الفقرة التالية]!!! إذ به يستدِل بحديث "آحاد" هُنا على ما يُريد، بِلَي أعناق النصوص، والفَهم العَقيم، والشُّبَه الزائفة، وعدم الرجوعِ إلى أقوالِ العلماء في الحديث.

2 - أقول للكاتب: إذا كُنتَ قد فَهِمَتَ من قولِ الرسول (صلى الله عليه وسلم): "لا تُقْبَل صلاة الحائض إلا بخمار" بأنَّ "هذا الرأس لم يُغطَى قبل الصلاة، أي أن غطاء الرأس وصية للمرأة عند الصلاة، لكنه لا يلزم فيما عدا ذلك" (ص/ 117)؛ فأنا أُلزِمُك إلزامًا لا انفكاك منه –إن شاء اللهًُ تعالى- أن تفهمَ من قولِه (صلى الله عليه وسلم): "لا تنتقب المرأة المُحْرِمَة ولا تلبَس القُفازَين" [راوه البخاري] أنَّ الأصل في المرأة أنَّها تلبَسُ النِقاب –الذي يسُتُر الوجَه فضلا عن الشَعْر- والقُفازَين، ولذا أمر النبي (صلى الله عليه وسلم) –في هذا الحديث- المرأة بعدم لِبس النِقاب والقُفازَين عِنَد الإحرام؛ لِمَا كان مُقرَرًا أنَّ المرأة إذا خرجَت مِن بيتِها لَبِسَتِ النِقاب والقُفازَين. فهل يا تُرَى فَهِم الكاتِبُ من هذا الحديثَ ما قُلتُ؟! أم أنَّه لا يستدِلُ به لأنَّه حديث "آحاد"؟! أم أنَّه ينتقي مِن السنة ما يوافِق هواه ومُرادَه ويُعرِضُ عَن الآخر؛ فيدخُل في قولِ اللهِ تعالى (أفتؤمِنون ببعض الكِتاب وتكفرون ببعض)؟! وإنَّا للهِ وإنَّا إليه راجِعون.

3 - أما الجوابُ عَن هذه الشُّبهَةِ التي أوردها الكاتِبُ في غير موضِعٍ مِن كتابِه وطار بِها فَرَحًا -وواللهِ إنَّها شُبْهَةٌ يُغني فسادُها عَن إفسادِها-؛ فأقول: الأصلُ في النساء هو القَرارُ في بيوتِهِنَّ؛ لقولِه تعالى (وقَرنَ في بُيوتِكُنّ) [الأحزاب: 33]، ولما كان الأمرُ كذَلِك، لَزِمَهنَّ أداءَ الصلاةِ في بيوتِهن، ولما كان الغالِبُ على النِّساء أن يمكُثنَ في بُيُوتِهن كما يروقُ لهُن –إذا أمِنَّ عَدَمَ نَظَرِ الأجانِب-؛ سواء بكَشْفِ الشَعْر أو التَزَيُّن أو لبس الرقيق مِن الثياب –في حَضرَة الزوج فقط-؛ كان الأصلُ في المرأة في بيتِها أنَّها لا تلبَسُ حِجابًا يُواري شَعْرَها؛ فأمرها رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) إذا قامَت إلى الصلاة بارتداء الخِمار. وهُنا أمرٌ آخر؛ قد يتوهَم بعضُ النِّساء أنَهُنَّ ما دُمنَّ بعيدين عَن نَظَرِ الأجانِب، فيجوزُ لهُنَّ كَشْفَ شَعرِهِنَّ في الصلاة، فجاء الحديثُ ليُقَرِرَ وجوب سَتر الشَعْر بالخِمار. وأمرٌ ثالِثٌ يُقَرِرُه الحديثُ؛ وهو أنَّ بعضَ النِّساء قد يتوهمنَّ جوازَ الصلاة بوَضْعِ غِطاءٍ على الشَعْر فَقَط –دون العُنُق والصَدْر- (وهو ما يُعرَف اليومَ بـ "الطَرْحَة")، فجاء الحديثُ لِبيانِ وجوب سَتر الشَعْر بالخِمار، والخِمارُ فَقَط، والله تعالى بأحكامِه أعلَم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير