ـ[مبارك]ــــــــ[20 - 12 - 02, 06:50 م]ـ
* تخريج حديث أنس رضي الله عنه: " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بين القبور "
وهناك زيادة عند بعضهم: " ... على الجنائز ".
أخرجه البزار (1/ 220 ـ كشف الأستار) رقم (442)، وأبو يعلى في
" مسنده " (5/ 175) رقم (2788)، وابن الأعرابي في " معجمه " (3/
1082) رقم (2334)، وابن حبان (ج4/رقم 1698 و ج6/رقم2315، 2318 ـ الإحسان)، وضياء الدين المقدسي في " الأحاديث المختارة "
(5/ 246) رقم (1872) جميعا من طريق حفص بن غياث، عن أشعث،
عن الحسن، عن أنس بن مالك قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بين القبور.
رواه عن حفص جماعة وهم: أبو موسى الزَّمِن محمد بن المثنى،
هناد السَّري، سهل بن عثمان العسكري، حسين بن يزيد الطَّحان.
أشعث هو: ابن عبدالملك كما أفصح عن ذلك ابن حبان.
وهذا إسناد جيد، رجاله كلهم ثقات، إلا أن فيه عنعنة الحسن ـ
وهو البصري ـ
وقد رجح الإمامان الكبيران البزار والدارقطني فيه الإرسال.
قال البزار: قد رواه غير حفص عن أشعث عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، ولم يذكر أنساً إلا حفص.
وقال الدار قطني: رواه معاذ بن معاذ عن أشعث، عن الحسن مرسلاً، والمرسل أصح.
لكن ورد من طرق أخرى عن أنس فقد:
رواه البزار (1/ 220) رقم (441): حدثنا عبدالله بن سعيد (وهو
الأشج)، ثنا عبدالله الأجلح، عن عاصم (وهو ابن سليمان الأحول)،
عن أنس، قال: نُهِيَ عن الصلاة بين القبور.
قال الهيثمي في " مجمع الزوائد" (2/ 27): رجاله رجال الصحيح.
قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله رجال الصحيحين سوى عبدالله بن
الأجلح ـ وهو الكندي ـ وهو صدوق كما في " التقريب ".
وقوله: " نُهِي " المتبادر أنه ينصرف إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أو إلى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وفي الحالة الثانية
يمكن أن يقال: له حكم الرفع؛ لأنه لا يقال بالاجتهاد والرأي وهذا الذي
ينبغي أن يظن بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. كيف ذا والأحاديث
الكثيرة تؤيد ذلك وتؤكده.
وقد رجح الدارقطني كما سيأتي قريباً أنه من كلام أنس ـ أي موقوف
عليه ـ.
ورواه البزار (1/ 221ـ كشف الأستار) رقم (443) فقال: وجدتُ في كتابي عن أبي هاشم، ثنا أبو معاوية، عن سفيان يعني السَّعدي،
عن ثمامة، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة
بين القبور.
وهذا إسناد ضعيف من أجل أبي سفيان السَّدي ـ وهو طريف بن
شهاب ـ وهو ضعيف كما في " التقريب ".
ثمامة هو: ابن عبدالله بن أنس بن مالك، وأبو معاوية هو: محمد
ابن خازم الضرير.
وأخرجه ابن الأعرابي الظاهري في " معجمه " (3/ 108) رقم (2330)،
والطبراني في " الأوسط " (6/ 293) رقم (5627) ومن طريقه ضياء الدين
المقدسي في " الأحاديث المختارة " (6/ 165ـ 166) رقم (2594) من
طريق حسين بن يزيد الطَّحَّانُ، قال: حدثنا حفص بن غياث، عن عاصم
الأحول، عن محمد بن سيرين، عن أنس بن مالك: " أن النبي صلى اللهعليه وسلم نهى أن يُصَلَّى على الجنائز بين القبور ".
قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن عاصم إلا حفص، تفرد به حسين بن يزيد.
والحسين ذا، قال أبو حاتم: لين الحديث.
قلت: ومع لينه فقد خالف ثلاثة من الثقات ووافقهم في رواية ـأيضاـ
جميعا قالوا: حفص بن غياث، عن أشعث، عن الحسن، عن انس وليس عندهم ـ أيضا ـ زيادة " على الجنائز " فلعلها من أوهامه وهذا غير مستنكر الوقوع منه.
أما عن ترجيح الإمام الدارقطني الوقف فقد جاء في " علله " (4/ق18/ 2):
" وسئل عن حديث عاصم الأحول، عن أنس كانوا يكرهون الصلاة على الجنائز في المقابر.
فقال: يرويه عبدالله بن الأجلح، عن عاصم الأحول، عن، أنس،
وخالفه عبدالواحد بن زياد، وعلي بن مسهر، وأبو معاوية، ومحاضر؛
فرووه عن عاصم الأحول، عن محمد بن سيرين، عن أنس أنه كره ذلك،
وهو الصحيح.
وأخرجه ضياء الدين المقدسي في " الأحاديث المختارة " (5/ 245ـ
246) رقم (1871) من طريق جعفر بن محمد بن إسحاق بن يوسف الأزرق، ثنا حفص بن غياث، عن الأشعث، وعمران بن حُدَيْر،عن الحسن
، عن أنس بن مالك، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
يُصلّى على الجنائز بين القبور.
وفي هذا الإسناد جعفر بن إسحاق الأزرق وأظن أنه الواسطي فإن
كان هو فقد ضعفه الدارقطني (اللسان: 2/ 223/ رقم 2072).
وإن كان غيره فلم أتبينه.
قلت: وقد رواه جماعة ـ كما تقدم ذكرهم ـ عن حفص ولم يذكروا:
" على الجنائز " فتبين من هذا أنها شاذة.
والخلاصة: أن حديث أنس هذا في ثبوته نظر، وإن ثبت فبدون زيادة
" على الجنائز ".
وطريق الحسن عن أنس الراجح فيه عند البزار والدارقطني أنه مرسل.
وطريق عاصم عن محمد بن سيرين عن أنس الراجح فيه عند الدارقطني أنه موقوف.
وبعد تضعيف زيادة " على الجنائز " فليس لك حجة أخي الكريم في تقييد النهي عن الصلاة بين القبور إنما هو في حق صلاة الجنازة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ يتبع ــــــــــــــــــــــــــــــــ
¥