قال الإمام (ابن جرير الطبري) في (تفسيره جامع البيان) عند قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة} سورة المائدة آية 35 ((يقول: اطلبوا إليه القربة بالعمل بما يرضيه، والوسيلة هي: الفعيلة، من قول القائل: توسلت إلى فلان بكذا بمعنى تقربت إليه. ومنه قول عنترة:
إنَّ الرجالَ لهم إليكِ وسيلةٌ،،،، أن يأخذوكِ تكحَّلي وتخضَّبي
وقال الآخر:
إذا غفلَ الواشونَ عُدنا لوصلنا،،،، وعاد التصافي بيننا والوسائلُ
ثم قال ابن جرير: ((وبنحوا الذي قلنا قال أهل التأويل)) أهـ
وذكر عن أئمة التابعين مثلما قال، وذكر عن بعض العلماء تفسيرها بالمحبة.
انظر كتاب (جامع البيان في تأويل آي القرآن للطبري ج 10 ص 290).
قال الإمام (ابن الجوزي) في (تفسيره زاد المسير): ((في الوسيلةِ قولان: أحدها: أنها القُربة، قاله ابن عباس، وعطاء، ومجاهد، والفراء، وقال قتادة: تقربوا إليه بما يرضيه. قال أبو عُبيدة: (يقال: توسلت إليه، أي: تقربت إليه. وأنشد:
إذا غفلَ الواشونَ عُدنا لوصلنا،،،، وعاد التصافي بيننا والوسائلُ
والثاني: المحبة، يقول: تحببوا إلى الله، هذا قول ابن زيد)) أهـ
انظر كتاب (زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي ج 2 ص 38).
قالت قتيلة بنت النضر:
والنَّصرُ أقربهم إليك وسيلة ٌ،،،، وأحقهم إن كان عِتقُ عتيق
وقال النبهاني الطائي:
ولما عصينا بالسيوفِ تقطَّعت،،،، وسائلُ كانت قبلُ سِلماً حِبالُها
وقال أبو الطيب المتنبي:
ألا ليسَت الحاجاتُ إلا نفوسُكم،،،، وليسَ لنا إلا السُّيوفُ وسائلُ
وقال أبو طالب:
ألا ليست الحاجاتُ إلا نفوسُكم،،،، وليسَ لنا إلا السُّيوفُ وسائلُ
قال الإمام العلامة المجتهد (محمد الأمين الشنقيطي) في تفسيره عند قوله تعالى:
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة} ألاية
سورة المائدة آية 35
((اعلم أن جمهور العلماء على أن المراد (بالوسيلة) هاهنا هو: القربة إلى الله تعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه على وفق ما جاء به محمدٌ صلى الله عليه وسلم بإخلاص في ذلك لله تعالى؛ لأن هذا وحده هو الطريق الموصلة إلى رضى الله تعالى، ونيل ما عنده من خير الدنيا والآخرة. وأصل (الوسيلة): الطريق التي تقربُ إلى الشيء وتُوصِلُ إليه، وهي: العمل الصالح بإجماع العلماء؛ لأنه لا وسيلة إلى الله تعالى إلا باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم)). أهـ
و قال أيضا:
((وروىَ عن ابن عباس رضي الله عنهما أن المراد بالوسيلة: الحاجة، ولما سأله نافع بن الأزرق: هل تعرف العرب ذلك؟ أنشد له بيت عنترة:
إنَّ الرجالَ لهم إليكِ وسيلةٌ،،،، أن يأخذوكِ تكحَّلي وتخضَّبي
قال: يعني له إليك حاجة، وعلى هذا القول الذي روىَ عن ابن عباس فالمعنى: {وابتغوا إليه الوسيلة}: واطلبوا حاجاتكم من الله؛ لأنه وحده هو الذي يقدر على إعطائها ... )). أهـ
وقال أيضا: ((والظاهر أن (الوسيلة) في بيت عنترة معناها أيضا: التقرب إلى المحبوب؛ لأنه وسيلة لنيل المقصود منه؛ ولذا أنشد بيت عنترة المذكور ابن جرير، والقرطبي، وغيرهما لهذا المعنى الذي ذكرنا ... )). أهـ
انظر كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشنقيطي ج 2 ص 97 - 98).
ويتبين لنا مما تقدم من كلام العرب، وكلام أئمة الدين رحمهم الله تعالى أن (الوسيلة) تدور على أمور محددة وهي:
القربة
المحبة
الرغبة
الحاجة
الدرجة
وتبين أيضا أن التوسل إلى الله تعالى هو: ((التقرب إليه بالأعمال الصالحة، والقُرب المشروعة)).
وعليه فإن مناداة الأموات، واستغاثتهم، وسؤال الله تعالى بهم ليس مما شرعه الله تعالى، بل هو مخالف لدين الإسلام ومُوقعٌ في الشرك والكفر والضلال والعياذ بالله تعالى، وسيتبين ذلك أكثر إن شاء اللهُ تعالى في المباحث التي سأذكرها قريبا، والله الموفق.
.
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[18 - 12 - 02, 01:44 ص]ـ
قد عرفنا في المبحث السابق ولله الحمد ما يدل عليه لفظ (التوسل) من المعاني الصحيحة، و التي تنافي:
التوسل بذوات الأنبياء و الصالحين
و تنافي كذلك:
التوسل بجاه الأنبياء و الصالحين
¥