فيقال ليس الكلام عن اعتبار مثل هذا مجزئاً عن واجب جاء وقته، ويصح هذا المثال لو أني ذهبت لفلان فسلمت عليه ففتح لي تسجيلاً برد السلام! في هذه الحالة يكون إيراد أبي عبدالله محل نظر.
والملاحظ كذلك تعلق هذا بالقائل دون السامع.
ولكن كلامنا الآن عن مسألة أشبه بأخرى وهي:
هل يشرع لمن سمع هذا النداء المسجل في وقته أن يجيب أو لايشرع؟
* أما المثال الخامس: لاتصح الصلاة خلف الصوات المسجلة بالجهاز.
فيقال نعم، ولكن الفروق بين المسألتين كثيرة ولم تصح لا لاعتبار أن هذه مسجلة فحسب ولكن لمجموع أمور منها:
- عدم الاقتداء حقيقة في الصلاة الحال وقتها.
- أن هذا يصلى فرضاً غير فرض المأموم بل ربما قد أداه المأموم قبل عام أو في وقت التسجيل.
- انفراد وقطع في الصفوف.
- لاموقف لإمام من مأموم!
- هذا لم يشرع ولم يتناوله عموم، ولايسمى جماعة بخلاف مسألتنا فقد تناولها العموم.
فالفرق بين المسألتين كبير.
* أما المثال السادس: لو قال سبحان الله، ثم سجلها وكررها، فإن له أجر الأولى فحسب.
ليس النزاع حول من سلّم ابتداءً أيحصل له بكل تكرار أجر أو لا يحصل، وإنما الكلام عن من سمع أيجيب أم لا يجيب؟
ومثل هذا من سمع تسجيلاً لقرآن هل يتأول القرآن أو لا يتأول؟
وجواباً على هذه الأسئلة سطرت ردي الأول والثالث، وكذلك سطر أبوخالد السلمي رده الثاني.
======================================
ثانياً: الشيخ هيثم:
ما أوردته وجيه، وأرى أن لايبتدئ بالسلام، وخصوصاً في مجتمع يتصل بك فيه أناس منهم المسلم وفيهم الكافر.
والأصل ما قرره الشيخ بكر في أدب الهاتف، أن يعرّف الطارق (للهاتف) بنفسه، وأن يبدأ بقول نعم أو من أو نحوها.
هذا هو الأصل، ولكن الكلام عن واقع خالف هذا الأصل الذي هو أولى.
كما يقال الأصل أن يسلم الصغير على الكبير، فلو سلم الكبير على الصغير، فلا يترتب على هذا شيء يتعلق بالجواب.
======================================
ثالثاً: الفاضل ابن غنام
ما ذكرته يظهر للمتأمل أنه يصح دليلاً على اعتبار السلام المسجل.
والله أعلم
ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[22 - 12 - 02, 11:28 م]ـ
أخي الشيخ الهُمام: همّام ........ رزقنا الله وإياه حسن الختام
يبدو لي أن موطن النزاع هو: هل ينبني على تلك الألفاظ (المسجلة) حكم شرعي أم لا؟ ثم لا فرق بعد ذلك بين ما يلزم السامع، وما لا يلزمه.
فإن كان الجواب بنعم، فلنلزم المطلق والحانث والمقر بمقتضى صوت المسجل، وكلما كررنا الشريط ألزمناه بمقتضاه، ولا أظن أحدا تحت أديم السماء يقول بهذا.
وإن كان الجواب بالنفي، وهو الصواب، فإن أقرب العلل هو أن اللفظ المسجل مفتقر إلى النية والإرادة، التي هي مناط صحة التصرفات شرعاً، ولا مانع بعد ذلك من التعليل بعلل أخرى بحسب كل صورة.
"""""""""""""""""""""""""
قولي (تلكم الألفاظ لا بد لاعتبارها من أن تكون صادرة من شخص ناطق له نية وإرادة)
هذه كلية مستنبطة من القاعدة الفقهية (الأمور بمقاصدها)، وفقهاؤنا يقررون في مثل هذا أن العبرة بالمقاصد والمعاني، لا بالألفاظ والمباني، وما نحن فيه داخل في عموم القاعدة.
وإذا علمنا أن هذه القاعدة مستندة إلى نص المعصوم ـ صلى الله عليه وسلم ـ (إنما الأعمال بالنيات)، وعلمنا أن النية: عزيمة القلب. فأي قلب لهذا الجهاز الجامد!
والذي يظهر لي أن هذه الألفاظ ـ المسجلة ـ ملغاة شرعا، كيمين اللغو، سواء بسواء .....
هذا ما بدا لي، وإني لشاكر لك أخي المفضال على الاستدراك المهم ....
ـ[لييل]ــــــــ[23 - 12 - 02, 07:16 ص]ـ
زيدونا .. زادكم الله من فضله ..
ـ[حارث همام]ــــــــ[23 - 12 - 02, 09:19 ص]ـ
أولاً أيها الفاضل: تأملت عبارتي في الرد السابق فوجدت أنه قد يفهم منها ما رددتم عليه فأعتذر لكم عنها.
ثانياً: لا أخالفكم في القول بأن (تلكم الألفاظ لا بد لاعتبارها من أن تكون صادرة من شخص ناطق له نية وإرادة) جملة وتفصيلا.
فالأعمال الصالحة تكون بالنيات الصالحة، ثم لتحقيق اعتبار النية والقصد قال (وإنما لكل امرئ ما نوى) وهذا من فوائد ذكرها بعد قوله إنما الأعمال بالنيات كما أفاده ابن رجب وغيره.
ولكن النزاع في إنزال هذه القاعدة على مسألتنا.
لو كان الخلاف في: هل لقارئ القرآن في الشريط المسجل أجر (قراءة) يتضاعف مع كل سماع أو ليس له لما كان في ذلك إشكال، وكذلك لو كان الكلام حول تضاعف الأجر مع كل ترداد سلام لمن سلم ابتداءً في التسجيل، لما كان هناك إشكال.
ولكن ألا ترى أن في إنزالها هنا حكماً على فعل واحدٍ بنية آخر؟
بمعنى الجهاز ليس له قصد ونية، وفلان يرد السلام بقصد ونية، فبطل فعل صاحب القصد والنية لأن الجهاز ليست له نية!
فالكلام حول (اشتراط) كون سبب رد الغير (بقصد ونية) للسلام، أن يكون المُسلِّم ممن له قصد ونية.
اعتبار هذا شرطاً هو محل النزاع وهو الذي لا أرى -بنظري القاصر- أن الأدلة تدل عليه وأنه يخالف عموم الأدلة.
وكذلك القياس فلو جمحت الدابة وليس لها قصد ونية، فردها فلان بقصد ونية حتى لا تؤذي من المسلمين أحدا، فهل يقال ذالكم النفور لا اعتبار له وللتعامل معه والرد عليه لابد من وجود إرادة ونية؟
ومسألتنا هذه تشبه أيضاً مسألة الرد على الصبيان.
والصحيح من قولي الفقهاء كما قال النووي الرد على الصبي لو ابتدأ بالسلام وجوباً.
مع أنهم يعنون الصبي الذي ليس من أهل الفرض ولهذا قالوا لو سلم الكبير عليه لم يجب عليه الرد وإنما ينبغي لوليه أن يأمره بالرد ليتمرن عليه.
وقد جاءت الأدة عامة (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها)
وعند الشيخين في حديث أي الإسلام خير قال: (وأن تقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف) وهذا عام
وقد قال البخاري باب السلام على الصبيان ثم أورد حديث أنس المعروف، وشاهدي منه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم على من لايعقل الخطاب ولايرد الجواب (حد المميز) أعني الصبي.
فرده عليه من باب أولى والله أعلم.
¥