تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يشق عليهم، والشيء الذي يطيقونه كأن يسري بهم إلى نصف الليل أو نحو ذلك، فإن هذا مما يطيقونه وهو قدوتهم فيصبرون على ما يصبر عليه.

وكان أيضا ينبسط مع أصحابه رضي لله عنهم يقول جرير رضي الله عنه: "ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت وما رآني إلا تبسم" يدل على محبته له وأنه لم يحجبه عن الدخول عليه هذا أيضا من رفقه بأصحابه رضي الله عنهم، كذلك كان يجلس معهم بعد صلاة الصبح إلى أن تشرق الشمس يحضرون معه يتناشدون الشعر ويذكرون حالاتهم في الجاهلية قبل الإسلام ويقرهم على ذلك ويضحكون، ولكنه يتبسم – كان أكثر ضحكه تبسمًا – وإن كان قد روي عنه في بعض الأحيان أنه يضحك إذا رأى شيئًا يعجبه يقولون فيه: "ضحك حتى بدت نواجذه".

كذلك من رفقه ما حصل لذلك الأعرابي الذي بال في المسجد ولما أنكر عليه الصحابة منعهم وقال: "دعوه فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين" ثم دعاه وعلمه أن هذه المساجد لا يصلح فيها شي من هذا البول ونحوه إنها للصلاة والذكر وقراءة القران وأمر أن يطهر بوله كما هو معروف، وكذلك كان أيضا يتوسع مع بعض أصحابه وبالأخص مع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فكان يخرج معهما ويدخل معهما كما شهد بذلك علي رضي الله عنه يقول: "إني كثيرا ما كنت أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول خرجت أنا وأبو بكر وعمر ودخلت أنا وأبو بكر وعمر وجلست أنا وأبو بكر وعمر" كان مرة جالسًا في بيته وقد توسع فأخرج بعض فخذيه دخل عليه أبو بكر فبقي كذلك ثم عمر ولما دخل عليه عثمان رضي الله عنه ستر فخذيه وركبتيه فقال: "ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة"، هكذا يحب أن يتوسع مع بعض أصحابه.

ونقل أبو موسى رضي الله عنه قصة دخوله ذلك الحش، ثم لما دخل وقضى حاجته جلس على شفير البئر وأدلى رجليه وقام أبو موسى كبواب له، فاستأذن أبو بكر ثم عمر فأمره أن يأذن لهما وجلسا إلى جانبيه ثم استأذن عثمان رضي الله عنه وجلس مقابلا لهم في الجانب الثاني يقول الراوي فأولت ذلك قبورهم، هذا أيضًا من توسعه مع أصحابه.

وكان إذا بعثهم للدعوة يوصيهم فيقول لأبي موسى ومن معه كعمار وسلمان ومن معهم: "يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا وتطاوعا ولا تختلفا" لأن في ذلك ما يبين خصال الإسلام وما عليه المسلمون لتكون هذه المعاملة داعية للناس إلى اعتناق دين الإسلام وعدم الخروج منه هكذا كان يوصيهم بهذه المعاملة.

وكان صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه مما علمه الله فكان يجلس في المسجد في الضحى في ظل مسجده أو بيته ولا يزال كذلك يتوافد إليه صحابته ويتحلقون عنده يحدثهم ويقرأ عليهم القران ويخبرهم بما نزل ويعلمهم، وهم كذلك يتلقون ما يأخذون عنه ويصبر على ذلك ولو طال المجلس كساعتين أو خمس ساعات أو نحو ذلك حتى تدركهم الشمس، وكل ذلك من حرصه على معاملته لأصحابه بما يكون سببًا في تقبلهم وثباتهم على الإسلام.

وكان أيضا عليه الصلاة والسلام يرفق حتى بغير المسلمين ولا يشدد عليهم ففي الصحيحين عن عائشة رضي اله عنها قالت: دخل قوم من اليهود فقالوا: السام عليكم فقال: "وعليكم" فقالت عائشة رضي الله عنها: بل السام عليكم ولعنكم الله وغضب عليكم فأنكر عليها وقال: "مهلا يا عائشة عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش" قالت: أولم تسمع ما قالوا؟ قال: "أولم تسمعي ما قلت ردوا علينا فرددنا عليهم فيستجاب لنا فيهم ولا يستجاب لهم فينا" مع أنه نهى عن ابتداء اليهود والنصارى بالسلام وقال: "إنهم يقولون السام عليكم" يعني يدعون بالسام الذي هو الموت هذا كان يدل على حقدهم على المسلمين، ولكن مع ذلك لم يرد عليهم ردًا شديدًا وإنما يقول: "عليكم" أو "وعليكم" مما يدل على حسن معاملته صلى الله عليه وسلم للناس ولو لم يكونوا من المسلمين، كاليهود والمعاهدين ونحو ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير