ولما صار أمام موظفي الإدارة بالعاصمة جثة هامدة، لفوه في خِرقة وحملوه مسافة أربعين ميلا من البلد وألقوه في البحر ليلتقمه الحوت، ولكن البحر أبى أن يشارك في هذه الجريمة الفظيعة، فلفظه بالساحل حيث وجد جثمانه مهمَّشا، وأوصاله متقطعة حسب ما نشرت جرائد فرنسية باريسية في افتتاحيتها بعناوين ضخمة، ولما استفسرتُ المراجع العليا عما نشرت تلك الصحف، نفت أن يكون لها علم بذلك، وإنما الذي في علمها هو أن الولد هرب من السجن وإنما أصدرت عليه الحكم في غيبته بخمس سنوات سجنا وبخمس نفيانا وبغرامة قدرها من الفرنكات مائة ألف وسبعون ألفا؛ هذا ما أجابتني به تلك المراجع، تحاول عبثا إخفاء أعمالها الوحشية المنافية للإنسانية بتمويهات وأكاذيب يكشفها الواقع المشاهد."
حد القذف لمن طعن في العربي
قال الشيخ المهاجي (109):" .. ومن أجل هذا الاعتناء الذي امتاز به العرب، كانت أنسابهم محفوظة بخلاف غيرهم من الأمم، فقد قال الفقهاء من قال لعربي يا عجمي حُد حَد القذف، لأنه طعن في نسب معروف محفوظ بخلاف العكس، وهو أن يقول شخص لعجمي يا عربي، لأن العجمي المخاطب بالنداء لا تلحقه بذلك معرة، بل ربما كان له مدحا، والفرق أن أنساب العرب كما قلنا محفوظة."
ذكر نسب الشيخ المهاجي
قال الشيخ المهاجي (112 - 113) بتصرف:" فأنا الطيب بن مولود بن مصطفى بن محمد بن مصطفى ابن فريح بن محمد بن إبراهيم بن مفلح بن الكندوز بن أحمد بن أيوب بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن ميمون بن محمد بن عبد الله بن موسى بن عيسى بن يحيى بن عمران بن إبراهيم بن علي بن حسين بن أحمد بن محمد بن إدريس بن إدريس بن عبد الله الكامل بن حسن المثنى بن الحسن السبط بن علي وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم."
الكرم الحقيقي
قال الشيخ المهاجي (114):" وكان رحمه الله تعالى على شدة فقره مشهورا بالكرم حتى أنه في بعض الأحيان ينزل به الضيوف فيرحب بنزولهم، ثم يذهب يتسلّف من الجيران ما يقدم لضيوفه من القِرى، ويقال الكرم الحقيقي ما كان عن قلة؛ قال الشاعر الحكيم:
ليس العطاء من الفضول سماحة حتى تجود وما لديك قليل
عدد إخوة الشيخ
قال الشيخ المهاجي (115): "كان له رحمه الله (أي والده) بنون خمسة أنا أصغرهم، وكلنا بواسطة حرصه على قراءتنا وبذل المستطاع في تعليمنا حفظنا القرآن الكريم."
رأي الشيخ في التأليف
قال الشيخ المهاجي (119):" ومعلوم أن الاشتغال بتعليم العلم أنفع بكثير من الاشتغال بالتأليف لهذا نرى الكثير من العلماء العظام اعتكفوا على التعليم، ولم يتعاطو التأليف إلا في القليل النادر؛ فقد ذكر الشيخ أحمد بابا في الذيل أن الشريف التلمساني قليل التأليف وما ذلك إلا لاشتغاله بالتعليم، يصل فيه ليله بنهاره، وغيره كثير لم يوجد في تراجمهم مع غزارة علمهم، أنه ألّفوا في فنٍّ من الفنون ولكلٍّ وِجهة هو موليها."
الحلف بغير الله
قال الشيخ المهاجي (125):" ومن الغريب أني كنت أسمع في صغري بعض من أدركت يقول في يمينه: ببركة سيدي محمد بن إبراهيم الذي كلم الله على جبل مكنوس، وأنا إذ ذاك لم أميز بين الصحيح والفاسد ولم أعقل الحسن والقبيح، ولم أدرك معناهما الحقيقي.
أما الآن وقد عرفت والحمد لله ما يقبل شرعا وما لا يقبل، فإني ابدي هنا ملاحظتين:
الأولى أن الحلف بغير الله منهي عنه شرعا، وفي البخاري وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إلا أن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت)، والنهي عند الكثير محمول على الحرمة وهو الظاهر من لفظ الحديث وحمل الأكثر على الكراهة وصرفوا لفظ الحديث عما يقتضيه ظاهره، وانظر ما المرجع للعدول عن هذا الظاهر، ومحل الخلاف بين الكثير والأكثر أن يكون الحالف صادقا والمحلوف به معظما شرعا كالنبي صلى الله عليه وسلم، والكعبة، أما إذا كان كاذبا أو كان المحلوف به ليس منتظما في سلك التعظيم أصلا فإن الحرمة متفق علها.
¥