تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن مجموع ما سبق يتبين أن لفظ: "دبر" يعني: خلاف القبل آخر الشيء، خلف الشيء وما بعده، وقد جاء هذا اللفظ في القرآن الكريم، والسنة المطهرة بهذه المعاني والدلالات، فمن ذلك قوله - سبحانه -: {وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ} 11 ( http://www.alimam.ws/ref/1636#_ftn11) أي من الخلف، وقوله سبحانه: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} 12 ( http://www.alimam.ws/ref/1636#_ftn12).

أدلة من منع من الدعاء بعد الصلاة المكتوبة:

ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - إلى أن الدعاء لا يشرع بعد الصلاة، وإنما محل الدعاء في الصلاة لا خارجها، وحمل ما ورد من الأدعية في دبر الصلاة على أن ذلك محله آخر الصلاة، وقبيل السلام، وقد سئل - رحمه الله تعالى -: هل دعاء الإمام والمأموم عقيب صلاة الفرض جائز أو لا؟ فأجاب: "الحمد لله. أما دعاء الإمام والمأمومين جميعاً عقيب الصلاة فهو بدعة، لم يكن على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل إنما كان دعاؤه في صلب الصلاة؛ فإن المصلي يناجي ربه، فإذا دعا حال مناجاته له كان مناسباً، وأما الدعاء بعد انصرافه من مناجاته وخطابه فغير مناسب، وإنما المسنون عقب الصلاة هو الذكر المأثور عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من التهليل، والتحميد، والتكبير، كما ((كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول عقب الصلاة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد)) 13 ( http://www.alimam.ws/ref/1636#_ftn13).

وقد ثبت في الصحيح أنه قال: ((من سبح دبر الصلاة ثلاثاً وثلاثين، وحمد ثلاثاً وثلاثين، وكبر ثلاثاً وثلاثين؛ فذلك تسعة وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، حطت خطاياه)) 14 ( http://www.alimam.ws/ref/1636#_ftn14) أو كما قال، فهذا ونحوه هو المسنون عقب الصلاة، والله أعلم"15 ( http://www.alimam.ws/ref/1636#_ftn15).

وقال ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: "الذي نقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذلك بعد الصلاة المكتوبة إنما هو الذكر المعروف كالأذكار التي في الصحاح، وكتب السنن والمسانيد وغيرها مثل ما في الصحيح: أنه ((كان قبل أن ينصرف من الصلاة يستغفر ثلاثاً، ثم يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام)) "16 ( http://www.alimam.ws/ref/1636#_ftn16)... إلخ، وقال: "وأما دعاء الإمام والمأمومين جميعاً عقيب الصلاة فلم ينقل هذا أحد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكن نقل عنه أمر معاذ أن يقول دبر كل صلاة: ((اللهم أعني على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك)) "17 ( http://www.alimam.ws/ref/1636#_ftn17)، ونحو ذلك.

ولفظ (دبر الصلاة) قد يراد به آخر جزء من الصلاة كما يراد بدبر الشيء مؤخره، وقد يراد به ما بعد انقضائها كما في قوله - تعالى -: {وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} 18 ( http://www.alimam.ws/ref/1636#_ftn18)، وقد يراد به مجموع الأمرين، وبعض الأحاديث يفسر بعضاً لمن تتبع ذلك وتدبره.

وبالجملة فهنا شيئان:

أحدهما: دعاء المصلي المنفرد كدعاء المصلي صلاة الاستخارة وغيرها من الصلوات، ودعاء المصلي وحده إماماً كان أو مأموماً.

والثاني: دعاء الإمام والمأمومين جميعاً، فهذا الثاني لا ريب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفعله في أعقاب المكتوبات كما كان يفعل الأذكار المأثورة عنه، إذ لو فعل لنقله عنه أصحابه، ثم التابعون، ثم العلماء، كما نقلوا ما هو دون ذلك، ولهذا كان العلماء المتأخرون في الدعاء على أقوال: منهم من يستحب ذلك عقيب الفجر والعصر كما ذكر ذلك طائفة من أصحاب أبي حنيفة، ومالك، وأحمد، وغيرهم، ولم يكن معهم في ذلك سنة يحتجون بها، وإنما احتجوا بكون هاتين الصلاتين لا صلاة بعدها، ومنهم من استحبه أدبار الصلوات كلها، وقال: لا يجهر به إلا إذا قصد التعليم كما ذكر ذلك طائفة من أصحاب الشافعي، وغيرهم، وليس معهم في ذلك سنة، إلا مجرد كون الدعاء مشروعاً، وهو عقب الصلوات يكون أقرب إلى الإجابة، وهذا الذي ذكروه قد اعتبره

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير