تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مناقشات هادئة مع أحمد عصيد وكتابه (الأمازيغية والإسلام السياسي) (1)]

ـ[أبو عائشة المغربي]ــــــــ[30 - 01 - 10, 05:56 ص]ـ

تساؤلات مشروعة

قبل أن أخوض في مناقشة الأستاذ حول مواضيع كتابه أود حقيقة أن أطرح بين يديه بعض الأسئلة المشروعة، والتي أود بكل شوق معرفة رأيه فيها، لأنني أرى أن فحوى هذه التساؤلات هي حقيقة الخلاف بين دعاة الإسلام ودعاة العلمانية وإذا فهم موقف دعاة الإسلام من هذه القضايا سهل تحليل مواقفهم ودعواتهم، هذا طبعاً بعد التجرد، وإبعاد تهم الاستبداد والتسلط، والثقة في ذلك وعدم التشكك، وإن مما دعاني إلى طرح هذه التساؤلات بين يدي المناقشة هو ما لاحظته في كتاب الأستاذ عصيد من قوة في التحليل، ودقة في فهم الآخر في كثير من المواضع، ومع ذلك فقد غفل عن طرح هذه القضايا مع أنها لب الخلاف وأسه، بل هي السبب الرئيسي في هذه الهوة والفجوة بين دعاة الإسلام ودعاة العلمانية إذ أن قضايا (الديمقراطية) أو (المشروع الإسلامي) أو (العمل السياسي) أو (المرأة) أو (حقوق الإنسان) ليست هي أساس الخلاف بين "الإسلاميين" و"العلمانيين"، بل إن في بعضها خلافا حتى عند الإسلاميين فيما بينهم، إلا أن القضايا التي لا يختلف فيها "الإسلاميون" جميعاً، والتي يجتمعون حولها رغم اختلافهم في بعض التفاصيل، هذه القضايا هي أساس الخلاف بين "الإسلاميين"و"العلمانيين"،فقضايا العبودية والحكمية والقدسية واتباع الكتاب والسنة قضايا أساسية، لا يمكن مناقشة أي إسلامي دون التعريج عليها، إذ هي عصب تفكيره، وقاعدة منهجه،على اختلاف في مدى التمسك والتطبيق،وكان بودي لو أن الأستاذ ناقش موقف الإسلاميين من هذه القضايا، ووددت لو قرأت له رداً على عشرات الأدلة التي نستدل بها حين نطرح هذه المواضيع، خصوصاً وأني رأيت أن الأستاذ يحاول أن يكون موضوعيا ومنطقياً في كتاباته، وقد اعتمدت على هذا وأنا أطرح بين يديه هذه التساؤلات،كما أنني اعتمدت على كونه يُِِِلزم"الإسلاميين" بخضوعهم للنص الشرعي، وإن كان هو طبعاً لا يلتزم بذلك،من بابا إلزام المناظر خصمه بما لا يلتزم به، ولهذا سأبين له أن كثيراً من مواقف الإسلاميين ليست مبنية على رغبة في التسلط أو الاستبداد السياسي، وليس خدمة لأهواء مكبوتة، ورغبات دفينة، على الأقل بالنسبة لدعاة الإسلام الصادقين، وما أكثرهم، وإنما هذه المواقف ببساطة هي خضوع للنص الإلهي، الذي لا يسعنا مخالفته، وعلى الأستاذ أن يبين لنا إذا كانت هذه النصوص بهذه الكثرة والصراحة كما سيرى بعد قليل، فكيف التنصل منها، إلا إذا تمردنا على النص، أو حرفنا دلالته، أو تعسفنا في تأويله كما يفعل العلمانيون، فهذا موضوع آخر ليس هو حديثنا الآن.

العبودية والحرية، الإسلام والدين والطاعة

إن مفهوم (العبودية) و (الحرية) عند المسلم من المفاهيم التي تميزه عن غيره ذلك أن الإسلام حقاً هو دين الحرية، بل إن الحرية هي المقصد الأساس من هذا الدين، وذاك ما عبر عنه كثير من الصحابة إذاً سئلوا عن حقيقة دعوة النبي الذي بعث في مكة، وتمرد على تقاليد قريش وعاداتهم ومؤلفاتهم، حيث يجيبون: هذا الرجل جاء ليخرجنا من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وإنها حقيقة الإسلام وكنهه، دعوة إلى التحرر من سائر أشكال التسلط، دعوة إلى التحرر من الخضوع لأي مخلوق، دعوة إلى التمرد على أولائك الطغاة الذين كانوا يستعبدون رعاياهم فيقتلون أبناءهم ويستحيون نساءهم، دعوة إلى التمرد على أولائك الكهان والرهبان الذين كانوا يستعبدون الناس باسم الدين، فيحلون ويحرمون ويشرعون حسب ما تقتضي أهواؤهم ورغباتهم، دعوة إلى التمرد على هذه الأصنام والأوثان التي اتخذت آلهة مع أنها مخلوقات جامدة لا تجلب نفعاً ولا تدفع ضراً، فالإسلام إذن دعوة للانعتاق والتحرر من كل الأغلال والقيود الأرضية والمبنية على الشهوات والأهواء والرغبات، فلا يحل الخضوع لأن مخلوق ولا ذبح القرابين له، ولا الركوع ولا السجود ولا الخشية ولا الدعاء ولا التوكل ولا .....

وباختصار لا يحل ولا يجوز صرف أي نوع من أنواع العبودية لأ مخلوق أياً كان هذا المخلوق، حتى لو كان ملكاً مقرباً، أو نبياً مرسلا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير