[كشف المغالطة فيما قرره سعد الدين العثماني في علاقة الديني بالسياسي]
ـ[أبوعبد الله عادل المغربي]ــــــــ[16 - 01 - 10, 03:59 ص]ـ
كشف المغالطة
فيما قرره سعد الدين العثماني في علاقة الديني بالسياسي
الشيخ أبو أويس مولاي رشيد الإدريسي
"لا يقال: إن السياسة العادلة مخالفة لما نطق به الشرع
بل هي موافقة لما جاء به، بل هي جزء من أجزائه" ابن القيم
"أبو حامد الغزالي قرع الباب وفُتِح لنا"، هذه كلمة جرت على لسان أبي عبد الله بن تومرت 1 قالها متذرعا بمزالق الغزالي رحمه الله في كتبه التي صارت مفتاحا لأهل الزيغ الذين انبسطت ألسنتهم بالسوء وجرت أقلامهم بالسُوأى.
هذه المقولة مرت علي قديما، فإذا بي أتذكرها مع خشيتي من تكرار فحواها عند إطلاعي على مقال الأستاذ سعد الدين العثماني في جريدة التجديد المغربية في عددها: 2256، وهو يتكلم عن علاقة الديني بالسياسي، حيث قرر فيه وجود جهة انفصال بين الدين والسياسة!، ولا يخفى على البصير أن هذا الرأي سيفتح الباب لكل من هو واقف على عتبة العلمنة يريد دخولها، كما أنه تدليل منسوب إلى العقل الفقهي والنظرة الأصولية!!، يجعل لبني علمان مستمسكا للميل بالأمة ميلا عظيما، حيث أنهم يتشدقون بكون الشريعة الإسلامية ما هي إلا جملة من قيود وأغلال، تصد عن الانطلاق نحو أفق عال، {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً}، لكن هذا حال من وجه وجهه نحو المشرق والمغرب قائلا لأسياده هناك: {سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ}، فأطاعوهم في كل الأمر!!.
وقد ركز العثماني في التدليل على رأيه بما سطره الإمام القرافي رحمه الله فيما يخص تصرفات النبي عليه الصلاة والسلام بمقتضى الإمامة كما في كتابه " الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام" كما ذكرها كذلك في كتابه "الفروق"، مع أن هذه المسألة 2 تستوجب تصورا تاما لمعرفة المراد منها، كما تحتاج إلى دربة أصولية لمعرفة مجالها، ولذا قال العلامة أحمد شاكر رحمه الله واصفا إياها بـ " القاعدة الجليلة الدقيقة التي لم يحققها أحد من العلماء المتقدمين فيما نعلم، إلا أن القرافي أشار إليها موجزة في الفرق السادس والثلاثين من كتابه الفروق " حكم الجاهلية 129.
يقول العثماني مسطرا رأيه في الموضوع:" .. وفي رأينا أن العلاقة الأوفق بين الدين والسياسة في الإسلام ليس هو الفصل القاطع، وليس هو الوصل والدمج التامين، بل هو وصل مع تمييز وتمايز"!!.
وصورة الوصل عنده تتمثل في عدم عزل السياسة على حد تعبيره " عن حقائق العدل والمساواة وحب الخير للناس ومراعاة مصالحهم ... وبالتالي فإن الدين حاضر في السياسة كمبادئ موجهة، وروح دافقة دافعة، وقوة للأمة جامعة "!!.
وأما الفصل فتتجلى حقيقته في نظره عند التطبيق حيث يقول:" لكن الممارسة السياسية مستقلة عن أي سلطة باسم الدين أو سلطة دينية "!!.
هذا الطرح مغالطة مكشوفة ونظر ضعيف في تصور حقيقة السياسة الشرعية كما بينها العلماء وسطرها الحكماء، وأخشى أن يكون هذا من نتائج التأثر ولو نسبيا بما قرره علي عبد الرازق أحد علماء الأزهر قديما في كتابه: "الإسلام وأصول الحكم" فيما يخص العلاقة بين الإسلام والسياسة والحكم، القائمة عنده كما هو معلوم عند الباحثين على دس السم في العسل كما يقال، نعم: سم التشكيك والتفكير المادي والمذاهب الوضعية في عسل الوحي الصافي.
نخشى ما نخشاه أن يكون المرء واقعا في شراك دعوى التأصيل للفهم، مع أنه ترويج للوهم، ونظن أنه من أسباب ذلك الضغط العلماني عموما على مجتمعاتنا، والإغراق في العمل السياسي المعاصر، والحزبية المقيتة الضيقة!.
وصدق من قال:
إن البناء إذا ما انهدم جانبه **** لم يأمن الناس أن ينهد باقيه
¥