تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

القيود الشرعية المتعددة للحدِّ من إيقاع الطلاق

ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[31 - 01 - 10, 04:41 ص]ـ

القيود الشرعية المتعددة للحدِّ من إيقاع الطلاق

السؤال: الحمد لله أنا مسلم، ومؤمن أن لله حكمته وإن أشكلت علينا فهو جلَّ وعلا أعلم بما ينفعنا منَّا، أعلم أن الحكمة من تشديد إجراءات عقد النكاح هي البعد عن المفاسد حتى لا تكون من تزني وتقول إني متزوجة، ولكن لماذا التسهيل في الطلاق، فبكلمة واحدة ينتهي الزواج، وبلا شهود، وإعلام للناس، وأيضا الطلاق محدود بثلاث طلقات، أليس في ذلك تسهيل لتهدم الأسرة؟ كما أنه بعدم وجود شهود على الطلاق أليس في ذلك مفاسد حيث يمكن لمَن طلقها زوجها ولم يشهد أحداً أن تطالب بالميراث، أو أن تحمل مِن زنى وتنسبه لمن طلقها؟.

الجواب: الحمد لله

شرع الإسلام الزواج وأمر به لما يترتب عليه من المصالح، وشدد في الطلاق ـ وليس كما يقول السائل: إنه سهل فيه ـ ووضع له قيوداً وأحكاماً تضيق على الرجل في الطلاق، وتقلل وقوعه، فلم يجعل الطلاق في يد الزوج يطلق وقت ما يشاء.

ولو امتثل المسلمون لهذه الأحكام لقل الطلاق جداً، ولم يقع منه إلى ما يحتاج إليه الزوج فعلاً، غير أن أكثر الناس لم يراعِ تلك الأحكام، وتجرأوا على حدود الله، ولهذا كثر الطلاق، وظن من ظن أن الإسلام سهل في أمر الطلاق.

ومن هذه الأحكام التي شرعها الله للتقليل من وقوع الطلاق:

1. أن الأصل في الطلاق أنه ممنوع، إما على سبيل التحريم وإما على سبيل الكراهة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

الأصل في الطلاق: الحظر، وإنما أبيح منه قدر الحاجة، كما ثبت في الصحيح عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن إبليس ينصب عرشه على البحر ويبعث سراياه فأقربهم إليه منزلة أعظمهم فتنة فيأتيه الشيطان فيقول: ما زلت به حتى فعل كذا، حتى يأتيه الشيطان فيقول: ما زلت به حتى فرقت بينه وبين امرأته، فيدنيه منه، ويقول: أنت، أنت ويلتزمه)، وقد قال تعالى في ذم السحر: (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) البقرة/102" انتهى.

"مجموع الفتاوى" (33/ 81).

وقال أيضاً:

"ولولا أن الحاجة داعية إلى الطلاق: لكان الدليل يقتضي تحريمه، كما دلَّت عليه الآثار والأصول، ولكن الله تعالى أباحه رحمة منه بعبادة لحاجتهم إليه أحياناً" انتهى.

"مجموع الفتاوى" (32/ 89).

2. أن الله تعالى جعل الطلاق بيد الزوج، لا الزوجة.

ولو أن الطلاق جُعل بيد المرأة لرأيت حالات الطلاق أضعافاً مضاعفة عما هي عليه الآن؛ لما في المرأة من سهولة الانفعال، والتسرع في اتخاذ قراراتها.

وقد ذكر ابن الهمام الحنفي رحمه الله أن من محاسن تشريعات الطلاق أنه جُعل بيد الرجال دون النساء، وسبب ذلك: أن الرجل أكثر ضبطا لنفسه وتقديراً لعواقب الأمور.

وانظر: "فتح القدير" (3/ 463).

3. أنه لا يجوز للرجل أن يطلق امرأته وهي حائض، أو في طهر جامعها فيه.

وقد اختلف الفقهاء في هذا الطلاق هل يقع أو لا؟

وانظر بيان هذا في جواب السؤال رقم (72417 ( http://www.islamqa.com/ar/ref/72417)) .

فمن أراد أن يطلق امرأته وهي حائض أو في طهر جامعها فيه فعليه أن ينتظر حتى يأتي طهر ثم يطلق قبل أن يمسها فيها، وهذه المدة قد تصل في بعض الأحيان إلى نحو من شهر، والغالب أن الزوج بعد هذا الانتظار يعدل عن الطلاق، ويزول السبب الذي دفعه إلى إرادة الطلاق.

4. عدم إخراج المرأة من بيتها بعد وقوع الطلاق، وعدم جواز خروجها، وفي ذلك يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً) الطلاق/ 1.

ومن شأن هذا الحكم أن يعطي الفرصة للزوجين في حل المشكلة ويراجع الزوج زوجته بعيداً عن تدخل أطراف أخرى قد يكون تدخلها سبباً للإفساد لا الإصلاح.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير