[فوائد من (النكت العلمية على الروضة الندية، للعبيلان)]
ـ[عبد الرحمن السعودي]ــــــــ[11 - 07 - 10, 08:52 م]ـ
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
هذهِ فوائدُ من كِتابِ (النُّكَت العِلميَّة على الرَّوضةِ النَّديَّةِ) للشيخِ أبي عبدِ الرَّحمنِ، عبدِ اللهِ بنِ صالحٍ العُبَيْلان.
وكِتابُ الروضةِ معروفٌ: للشيخِ صدِّيق حسن خان القِنَّوْجي - رحمهُ الله -.
وكِتاب النُّكتِ العِلميَّةِ للشيخِ أبي عبدِ الرَّحمنِ، عبدِ اللهِ بنِ صالحٍ العُبَيْلان.
قالَ القنوجي: (1/ 98)
"ومتحرك وساكن",
وجه ذلك أن سكونه وإن كان قد ورد النهي عن التطهير به حاله، فإن ذلك لا يخرجه عن كونه طهورا لأنه يعود إلى وصف كونه طهورا بمجرد تحركه, وقد دلت الأحاديث على أنه لا يجوز التطهير بالماء الساكن مادام ساكنا،
كحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عند مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يغتسلن أحدكم في الماء الدائم وهو جنب" فقالوا يا أبا هريرة: كيف يفعل؟ قال: يتناوله تناولا, وفي لفظ لأحمد وأبي داود: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من جنابة" وفي لفظ للبخاري: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه" وفي لفظ للترمذي: "ثم يتوضأ منه" وغير هذه الرويات التي يفيد مجموعها النهي عن البول في الماء الدائم على انفراده والنهي عن الاغتسال فيه على إنفراده والنهي عن مجموع الأمرين ولا يصح أن يقال: إن روايتي الإنفراد مقيدتان بالاجتماع لأن البول في الماء على إنفراده لا يجوز فأفاد هذا أن الاغتسال والوضوء في الماء الدائم من دون بول فيه غير جائز فمن لم يجد إلا ماء ساكنا وأراد أن يتطهر منه فعليه أن يحتال قبل ذلك بأن يحركه حتى يخرج عن وصف كونه ساكنا ثم يتوضأ منه, وأما أبو هريرة فقد حمل النهي على الانغماس في الماء الدائم ولهذا لما سئل كيف يفعل قال: يتناوله تناولا "
قالَ العُبيلانُ: (18)
هذا الفهمُ الذي ذهَبَ إليهِ - رحمهُ الله - إنَّما دفعهُ إليهِ حِرصُهُ على الأخذِ بظاهرِ النَّصِّ؛ كما هيَ عادَتُهُ - رحمه الله -.
والحقُّ أنَّه أخطأ من عِدَّةِ وجوهٍ:
الأوَّل: عدم دلالة ظاهر النُّصوصِ على تحريمِ الوضوءِ أو الاغتِسالِ بالماءِ السَّاكنِ، فإنَّ النهيَ لم يأتِ إلا مقروناً: إمَّا بغسل الجنابةِ أو البولِ.
الثاني: أن النصوص يجبُ أن تُفهَم على ضوء فهم الصحابةِ - رضيَ الله عنهم -، ولم يُنقَل عن واحد منهم، أنَّه أمرَ بتحريكِ الماء الساكنِ قبل الوضوء!
الثالثُ: أنَّ هذا الوصفَ - وهو كونه ساكنا - ليسَ هو مناط الحُكمِ؛ بدليل أنَّ الشارعَ لم ينهَ كل أحد عن استعمالهِ، وإنَّما خصَّه بالجنبِ ومن يبولُ، فدلَّ على أنَّ العِلَّةَ المؤثِّرةَ
(سدّ ذريعة فساد الماء) وهذا هوَ الذي فهِمهُ أبو هريرةَ - رضيَ الله عنه -
ـ[عبد الرحمن السعودي]ــــــــ[11 - 07 - 10, 10:51 م]ـ
تنبيه: مابين معكوفين مني توضيحا.
قالَ العُبيلانُ بعدَ أن ذكرَ أنَّه لانزاعَ بين الصحابةِ في نجاسةِ دمِ العِرق (الدم الكثير)، وساق الآثار في ذلِكَ، قالَ (28):
ولَم يُعارِض ما تقدَّمَ من أنَّ دمَ الإنسانِ الكثير نجس، إلا أحد دليلينِ؛ وهما في حالةٍ خاصَّةٍ:
الأول: ما وردَ عن عمر - رضي الله عنه -، ((أنَّه صلَّى وجُرحه يَثْعُبُ دماً))
أمَّا أثر عمر فمن المعلوم أنَّه لا يُمكنه الصلاة بغير هذه الحال؛ فهذه حال ضرورةٍ، ونظيرها خروج الدم من المستحاضةِ.
الثاني: قول الحسن البصري: ((ما زال المسلمون يُصَلّون في جراحاتهم))
وأمَّا أثر الحسن، فإنه في الجهاد ومن المعلوم أن الله خفف أحكام هذه العبادة بمثل هذه الحال.
قالَ تعالى: ((فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ))
ثم إنه قال سبحانه في آية أخرى من سورة النساء ((فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ))
فهذا يعني أن الله تبارك وتعالى رخّصَ للمجاهدين ترك بعض أركان الصلاة في حال الضرورة، ثم أمرهم عند زوالها بإقامة الصلاة بجميع أركانها وشروطها.
وهكذا الحال فيمن صلى بجراحاته؛ فإنه يجب أن يُحمَل على ما تقدَّم، ثم إن الماء لا يكون متوفرا غالبا في تلك الاحوال، فهو مأمور - والحالة هذه - أن يصلي بجراحاته.
الثالث!: حديث عباد بن بشر الذي علقه البخاري - ويذكر عن جابر - ((أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم كان في غزوةِ ذاتِ الرقاع، فرُمي رجلٌ بسهمٍ فنزَفَهُ الدمُ، فركعَ وسجدَ ومضى في صلاته))
قال الفقير إلى عفو ربه: وهذا قد ذكره البخاريُّ معلَّقاً بصيغة التمريض ووصله غيره بسند ضعيف.
ثم على فرض انَّه صحيح، فليس فيه حجة لأمور:
الأول: أنها قضيَّة عين لا عموم لها.
الثاني: أن آثار الصحابة متفقةٌ على خِلافِه ....
الثالثُ: أن يُقال: إن ذلك كان على الأصل وآثار الصحابة ناقلة عنه.
وقد اتفق أهل العلم على نجاسة الدم، منهم [وساق كلامهم، وسأذكر أسماءَهم فقط]: الإمام أحمد وابن المنذر وابن حزم وابن عبد البر وابن العربي وابن قدامة والنووي وابن الملقّن [وقال: إلا من شذ] وابن حجر.
¥