تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[منهج الامام ابن رشد الفقهي والكلامي]

ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[14 - 07 - 10, 02:53 ص]ـ

مم استفاد ابن رشد في بناء منهجه العلمي؟

منقول بتصرف يسير

استفاد من دراسة الفقه والاشتغال بالقضاء. وقد اتبع منهجا نقديا عبر بالفعل عن فكر صاحبه الذي خالف الأسبقين. وهذا المنهج كان قائما على ذاتيته المتميزة التي تحرك التفكير المستقل، فانطبعت بهجوم كبير على كثير من الأفكار والمذاهب، ومهما يكن من درجة هذا في علة نكبته فقد كتب الخلود لفكره ومنهجه.

ولعل أسبق هذين العاملين في رسم منهجه العلمي الدقيق دراسة الفقه، ثم الاشتغال بالقضاء.

فدراسة الفقه نَمّتْ فيه حسَّ النقد الفلسفي، وتوليته القضاء (بل إنه تولى منصب قاضي القضاء في عهد الخليفة يوسف بن عبد المؤمن) هذه الوظيفة الخطيرة نمّت فيه إلى جانب روح النقد ترجيح الآراء على بعضها بعضاً. وقوة الترجيح أدت به إلى الكشف عن كثير من الأخطاء والتناقضات في فكر الأسبقين.

والدارس لكتابه القيم "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" يلاحظ ملامح هذا المنهج النقدي. يقول ابن فرحون في تقريظه: "وله تآليف جليلة الفائدة، منها: بداية المجتهد ونهاية المقتصد في الفقه، ذكر فيه أسباب الخلاف، وعلل وجوهه، فأفاد وأمتع، ولا يعلم في وقته أنفع منه، ولا أحسن سياقا" (6).

وقال عنه كذلك: إن الدراية كانت أغلب من الرواية، ويعني بذلك طغيان جانب النظر العقلي في منهجه.

وإلى جانب رسوخ قدمه وكفاءته في الفقه، فقد كان عارفاً بالفتوى على مذهب الإمام مالك، طويل الباع في علم الفرائض والأصول. وقد اتّبع منهجاً في تناوله لأصول الفقه وفروعه، وتناول كل ما يتصل بالعقيدة والأحكام، بل إنه أرشد المجتهدين إلى طريقة النظر في قضايا الدين عامة، وطرح لذلك أصولاً وقواعد.

وفي كتابه "بداية المجتهد" يرشد إلى القياس الشرعي، ويعتمد الاجتهاد والتأويل، وقد عرف القياس الشرعي وبيّن وظيفته، فقال: "وأما القياس الشرعي فهو إلحاق الحكم الواجب لشيءٍ ما بالشرع بالشيء المسكوت عنه لشبهه بالشيء الذي أوجب الشرع له ذلك الحكم أو لعلةٍ جامعةٍ بينهما. ولذلك كان القياس الشرعي صنفين: قياس شبه وقياس علة".

ثم يبين الفرق بين القياس الشرعي واللفظ الخاص يراد به العام: "أن القياس يكون على الخاص الذي أريد به الخاص فيلحق به غيره"، ثم يبين ما التبس على الفقهاء في هذا المجال، فيزيد في الشرح: "أعني أن المسكوت عنه يلحق بالمنطوق به من جهة الشبه الذي بينهما لا من جهة دلالة اللفظ؛ لأن إلحاق المسكوت عنه بالمنطوق به من حيث تنبيه اللفظ ليس بقياس، وإنما هو من باب دلالة اللفظ. وهما يلتبسان على الفقهاء كثيرا".

وبهذا يدفع الفقيه إلى القياس الشرعي في الأحكام الشرعية. فقد قال: "إن الطرق التي منها تلقيت الأحكام عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجنس ثلاثة: إما لفظ، وإما فعل، وإما إقرار. وأما ما سكت عنه الشارع من الأحكام، فقال الجمهور: إن طرق الوقوف عليه هو القياس" (9) إلى أن يقول: "ودليل العقل يشهد بثبوته، ذلك أن الوقائع بين أشخاص الأناسي غير متناهية، والنصوص والأفعال و الإقرارات متناهية، ومحال أن يقابل ما لا يتناهى بما يتناهى".

إن الناظر في منهج ابن رشد الفقهي يجب أن يعتمد مؤلفاته القيمة الثلاثة:

1 - "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" الذي يتناول فيه فقه الفروع.

2 - "الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة" ألفه ابن رشد في أشبيلية عام 575هـ/1179م، تناول فيه آراء المتكلمين ثم نقدها وبرهن على مذهبه، وتناول مشكلات فلسفية وبعض قضايا علم الكلام.

3 - "فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال" تناول فيه طريق العقل للنظر في المشكلات الفلسفية، وطرق التأويل والقياس العقلي، ومسائل الدين.

والكتب هذه جميعها تحوي نوعاً من التقارب والتكامل بين اتجاه فقيهنا في كتابته الفقهية والفلسفية، فهو من دراسة الأحكام (في الواجب والمندوب والمحظور والمكروه والمباح)

وأما في كتابه: "الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة" فحاول إيجاد علم كلام جديد عمدته البراهين اليقينية المستمدة من النظر العقلي الذي أمر به الوحي. ويرى أن البراهين العقلية (الفلسفية) هي التي جاء بها القرآن الكريم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير