تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[السنة في الشوارب، للشيخ ابن باز.]

ـ[أبو القاسم المحمادي]ــــــــ[31 - 07 - 10, 04:47 م]ـ

[السنة في الشوارب، للشيخ ابن باز.]

- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خمس من الفطرة»، وذكر منها: «قص الشارب»، متفق على صحته.

- عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قصوا الشوارب»، متفق على صحته.

قال ابن حجر: (القص: يطلق على قطع شيء من شيء بآلة مخصوصة، والمراد به هنا: قطع الشعر النابت على الشفة العليا من غير استئصال).

- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحفوا الشوارب»، متفق على صحته.

قال ابن حجر: («أحفوا»: بهمزة قطع من الاحفاء للأكثر، ومنه: "حتى أحفوه بالمسألة"، قال أبو عبيد الهروي: (معناه ألزقوا الجز بالبشرة)، وقال الخطابي: (هو بمعنى الاستقصاء)، وحكى بن دريد حفى شاربه حفوا إذا استأصل أخذ شعره فعلى هذا فهي همزة وصل).

- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «انهكوا الشوارب». أخرجه البخاري في صحيحه.

قال ابن حجر: (النَّهْك: المبالغة في الإزالة، ومنه: ما تقدم في الكلام على الختان قوله صلى الله عليه و سلم للخافضة: «اشمي ولا تنهكي»، أي: لا تبالغي في ختان المرأة، وجرى على ذلك أهل اللغة).

- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «جزوا الشوارب»، أخرجه مسلم في صحيحه.

قال ابن حجر: (الجز: قص الشعر والصوف إلى أن يبلغ الجلد).

- عن أنس رضي الله عنه قال: «وُقِّتَ لنا في قص الشارب .... أن لا نترك ذلك أكثر من أربعين ليلة»، أخرجه مسلم في صحيحه. وفي لفظ: «وَقَّتَ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم»، أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.

- عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لم يأخذ من شاربه فليس منا»، خرجه الترمذي في سننه وقال حديث صحيح، والنسائي بإسناد صحيح.

فقه الأحاديث:

قال فقيه السنة، سماحة الشيخ العلامة: عبد العزيز بن عبد الله بن باز –رحمه الله تعالى-:

(الشارب: هو كل ما كان على الشفة العليا، هذا يقال له الشارب، وقص الشارب واجب; لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بذلك وأمره على الوجوب, كما قال الله عز وجل: ?وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا? [الحشر:7]، وإحفاؤه أفضل لكن لا يكون حلقاً، بل يكون له أساس وبقية حتى يعرف أنه شارب، وقوله صلى الله عليه وسلم: «أحفوا الشوارب»، «أحفوا» بهمزة قطع، والإحفاء: هو المبالغة في القص والجز، ويفسر بقوله: «جزوا الشوارب»، وليس معناه الحلق، وإنما معناه المبالغة حتى لا يكون سبالات، وحتى لا يقع في شرابه إذا شرب، بل يكون خفيفاً جداً ما يتأذى به في شربه، ولا في كلامه.

فمن قص الشارب حتى تظهر الشفة العليا، أو أحفاه فلا حرج عليه؛ لأن الأحاديث جاءت بالأمرين عملاً بالسنة، والسنة قص الشارب لا حلقه، ولو حلقه فلا شيء عليه.

فالسنة عدم إطالة الشارب، وإحفاءه أو قصه جميعه: أطرافه ووسطه، ولا يجوز ترك طرفي الشارب بل يقص الشارب كله أو يحفيه كله عملاً بالسنة؛ ولأن في إطالته مشابهة للمشركين ولا سيما المجوس فإنهم يطيلون شواربهم، وقد علم أن التشبه بهم منكر لا يجوز فعله; لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من تشبه بقوم فهو منهم» خرجه أحمد في مسنده بإسناد جيد عن ابن عمر رضي الله عنهما.

أما توفيره وإعفاءه فذلك لا يجوز وذنب من جملة الذنوب والمعاصي التي تنقص الإيمان وتضعفه ويخشى منها حلول غضب الله ونقمته; لأنه يخالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي جاء في الأحاديث الصحيحة عنه.

قال العلامة الكبير والحافظ الشهير أبو محمد ابن حزم في كتابه المحلى المعروف وهو من المعروفين بمعرفة مقالات العلماء، قال: (اتفق العلماء على أن قص الشارب وإعفاء اللحية فرض)، يعني: واجب على المسلمين, فإجماع العلماء على أن قص الشارب وإعفاء اللحية فرض؛ لأن الأوامر جاءت بذلك, فالواجب على المؤمن أن يمتثل.

ولا يجوز ترك ذلك أكثر من أربعين ليلة، لما ثبت عن أنس رضي الله عنه في صحيح مسلم قال: «وُقِّتَ لنا في قص الشارب، وقلم الظفر، ونتف الإبط، وحلق العانة ألا نترك ذلك أكثر من أربعين ليلة»، ورواه أحمد وغيره بلفظ: «وَقَّتَ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم»، فهذا توقيت من الرسول صلى الله عليه وسلم يتضمن ألا يزيد على أربعين ليلة، بل يقص شاربه قبل ذلك، فيلاحظ هذا ويواظب عليه.

وإذا قال الصحابي مثل هذه الصيغة «وُقِّتَ لنا»، فهي في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، كقوله: «أمرنا» أو «نهينا»؛ لأنه لا آمر ولا ناهي ولا مؤقت إلا هو عليه الصلاة والسلام، وقد جاء الرفع صريحاً في رواية أحمد والنسائي والترمذي وأبي داود.

وفي اللفظ الأخير وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «من لم يأخذ من شاربه فليس منا»، وعيد شديد، وتحذير أكيد، وذلك يوجب للمسلم الحذر مما نهى الله عنه ورسوله، والمبادرة إلى امتثال ما أمر الله به ورسوله).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير