رد مختصر على بعض شُبُهات من أباح سماع الموسيقى والمعازف
ـ[حاتم الحاجري]ــــــــ[11 - 07 - 10, 03:11 م]ـ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وبعد،
انتشرت الموسيقى والمعازف في هذا الزمان انتشاراً هائلاً، فلا تكاد تذهب إلى أي مكان إلا وتُبتلى بسماع الموسيقى، سواء في الأسواق أو الطرقات أو وسائل المواصلات أو وسائل الإعلام بأنواعها أو نغمات التليفون وغيرها.
ومما زاد البلاء قيام بعض من ينتسبون إلى العلم الشرعي بالقول بجواز سماع الموسيقى والمعازف، وأن الغناء كسائر المباحات حلالها حلال وحرامها حرام. وغاب عنهم أن الغناء الذين يتكلمون المعاصرون يتكون من ثلاث عناصر: الموسيقى، والكلمة، والأداء الصوتي؛ والكلمة هي التي ينطبق عليها القول "حلالها حلال وحرامها حرام". أما الموسيقى والمعازف فلا يُعلم أحد من عُلماء المسلمين، المتقدمين منهم والمتأخرين، خالف في حرمتها، باستثناء ابن حزم الظاهري ومن تابَعَه.
وكل من أفتى من المعاصرين بجواز سماع الموسيقى، كمحمد الغزالي ود. يوسف القرضاوي، إنما هو ناقل عن ابن حزم.
وقد طعن ابن حزم في صحة إسناد حديث المعازف (الذي سنذكره لاحقاً)، والذي أورده الإمام البخاري في صحيحه. ولا يخفى على أهل العِلم فقر ابن حزم الشديد في علم الحديث، وكما قال الشيخ أبو إسحق الحويني في إحدى محاضراته: "ابن حزم على جلالته لكنه كان ظاهرياً في كل شيء، حتى في الحديث".
وتنحصر شبهات الطاعنين في حديث المعازف في وجهين:
الوجه الأول: الطعن في صحة الحديث.
الوجه الثاني: الطعن في دلالة الحديث على التحريم.
· الوجه الأول: بيان صحة حديث المعازف ووجوب الاحتجاج به
فقال المجيزون أن حديث المعازف الوارد في صحيح البخاري هو حديث مُعَلَّق منقطع الإسناد، ومِن ثَمَّ لا يصح الاحتجاج به!!
والحديث المُعَلَّق هو: (ما حُذِفَ مِن مُبتدأ إسناده واحد أو أكثر ولو إلى آخر الإسناد).
مِن كتاب "تحقيق الرغبة في توضيح النُخبة" ص81 – د. عبد الكريم الخُضير.
قال ابن القيم رحمه الله:
(عن عبد الرحمن بن غنم قال: حدثني أبو عامر، أو أبو مالك الأشعري رضي الله عنهما - أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:“ليكونن من أمتي قوم يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف”.
هذا حديثٌ صحيح أخرجه البخاري في صحيحه محتجاً به، وعلقه تعليقاً مجزوماً به فقال: “باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه”، وقال هشام بن عمار: حدثنا صدقة بن خالد حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حدثنا عطاء بن قيس الكلابي حدثني عبد الرحمن بن غنم الأشعري قال حدثني أبو عامر، أو أبو مالك الأشعري - والله ما كذبني - أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحِر والحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علم، يروح عليهم بسارحة لهم، يأتيهم لحاجة فيقولوا: ارجع إلينا غداً، فيبيتهم الله تعالى ويضع العلم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة”.
ولم يصنع مَن قَدَح في صحة هذا الحديث شيئاً، كابن حزم، نُصرةً لمذهبه الباطل في إباحة الملاهي، وزَعَم أنه منقطع لأن البخاري لم يَصِل سنده به).
من كتاب "إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان"، فصل “في بيان تحريم رسول الله صلى الله عليه وسلام الصريح لآلات اللهو والمعازف، وسياق الأحاديث في ذلك” ص247، 248.
ثم ساق ابن القيم، بعد إيراده الحديث السابق، خمسة أوجه للرد على وهم ابن حزم في تضعيف الحديث منها:
(وجواب هذا الوهم من وجوه:
أحدها: أن البخاري قد لقي هشام بن عمار وسمع منه، فإذا قال: "قال هشام" فهو بمنزلة قوله: "عن هشام").
والأحاديث المُعَلَّقة في صحيح البخاري لها حُكمٌ خاص في التصحيح يختلف عن سائر المُعَلَّقات في كتب الحديث. وهذا الحديث، كما ذكر ابن القيم، علقه البخاري بصيغة الجزم، و (ما كان منها بصيغة الجزم فإنه صحيح النسبة إلى مَن أُضيف إليه؛ فإن البخاري لا يستجيز أن يَجْزِم عنه بذلك ما لم يصح عنده عنه).
مِن كتاب "تقريب عِلم الحديث: المستوى الأول" ص147 – فضيلة الشيخ طارق بن عِوَض الله.
وقال الشيخ الألباني، رحمه الله:
(فأعله ابن حزم بِعِلَّتَيْن: الانقطاع بين البُخاري وهِشام! والأخرى جهالة الصحابي الأشعري).
ثم قال:
¥