وأرجو أن يقرأ المسلمون (علماءَ ودعاةً وعمومَ المسلمين) هذا النداء بعمق وتعقّل، وأن يعلموا أنه نداء محبّ شفيق، ومن عاش مع السنّة حتى جاوز الأربعين، لكنّنا نمرّ بمرحلةٍ خطيرة، تستوجب المحاسبة والنقد وتصحيح المسار، وتستلزم إقامة العدل، الذي لا قوام لأمّةٍ بدونه، وإن ظَلَمَنا المخالفون لنا، فإن الظلم لا يُدفع إلا بالعدل، كما لا يُدفع الباطلُ إلا بالحق (38) ( http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_*******.cfm?id=71&catid=73&artid=8957#75)!! ولا يعني ذلك عدمَ دفْعِ الظُّلم ومُصاولتِهِ، لأن العدل هو: ردُّ المظالم، والانتصافُ للمظلوم والانتصارُ له، والأخذ على يد الظالم وردعُه، لكن دون تجاوز حدِّ العدل. وهذا حُكم السُّني والبِدعي، من ظَلَمَ منهما أو ظُلِمَ.
والله هو المستغاث، وإليه الملجأ في نصر هذه الأمّة.
اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك (صلى الله عليه وسلم) وعبادك الصالحين.
والله أعلم.
والحمد لله على ما لا أُحصيه من نعمته، والصلاة والسلام على محمد وأزواجه وذريته.
(1) ( http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_*******.cfm?id=71&catid=73&artid=8957#2) فالناقضُ الذي لا إعذارَ معه أبدًا هو الناقضُ الصريحُ للدلالة اللغوية التي تُفهَمُ من الشهادتين , لا للوازمهما. ودلالة الشهادتين اللغوية الصريحة مما لا ينبغي الخلافُ فيه , فكذلك يجبُ أن يكونَ ناقضُها الصريحُ: مما لا ينبغي أن يُختَلَفَ فيه.
فناقضُ (لا إله إلا الله) الصريح , هو: إنكار وجود الخالق , أو جَعْلُ غيرِ الله إلهًا , أو ادعاءُ إلهٍ مع الله؛ لأن هذا هو المناقِضُ للدلالة اللغوية لها , فناقضُ دلالةِ الإثبات: هو نَفْيُ المُثْبَتِ , أو استبدالُ المُثْبَتِ بغيره , وأما ناقضُ دلالةِ النفي: فهو إثبات الشَّريك لله تعالى.
وناقضُ (أن محمدًا رسولُ الله) الصريح , هو: تكذيبه –صلى الله عليه وسلم- في شيء مما جاء به , أو اعتقاد أنه لا طاعة له , أو بُغضُه –صلى الله عليه وسلم-؛ لأن مقتضى الإيمان بالرسالة هو: التصديقُ بجميع ما جاء به الرسولُ, واعتقادُ استحقاقه للطاعة المطلقة , ومحبتُه على ما هدانا الله به من الخيرات وأنقذنا من الشرور.
(2) ( http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_*******.cfm?id=71&catid=73&artid=8957#4) يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في هذا: «وهكذا الأقوال التي يُكَفَّرُ قائلها , قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق , وقد تكون عنده ولم تثبت , أو لم يتمكَّن من فهمها , وقد يكون عرضت له شُبُهات يعذره الله بها. فمن كان من المؤمنين مجتهدا في طلب الحقّ , وأخطأ , فإن الله يغفر له خطأَه كائنًا ما كان! سواء كان في المسائل النظرية , أو العملية. هذا الذي عليه أصحابُ النبي –صلى الله عليه وسلم- وجماهيرُ أئمة الإسلام. وما قَسَّموا المسائل إلى أصولٍ يُكفَّرُ بإنكارها , ومسائلَ فروعٍ لا يُكَفَّرُ بإنكارها ... » , مجموع الفتاوى (23/ 346).ونحوه فيها (19/ 206 - 227). فشيخ الإسلام هنا يُقرِّرُ أن المبتدعةَ أصحابَ المقالاتِ الكُفريةِ (فضلًا عمن هم أقرب إلى الحق) ليسو فقط ممن لا يستحقّون التكفير قبل أمورٍ ثلاثة: بلوغ الحجة , وفهمِها , وإزالةِ عوارض الشبهة عنهم , بل صَرَّحَ أنهم مؤمنون! مغفورٌ ذلك الخطأُ الكُفْريُّ منهم!! بسبب إعذارهم بالجهل والتأول والشُّبَه.
ومع تقرير ابن تيمية لذلك , فقد قرّر هو وغيره من علماء المسلمين تكفيرَ طوائف من المنتسبين للإسلام (كالقرامطة وغيرهم) , ممن ناقضوا صريحَ دلالةِ الشهادتين , من غير إعذارٍ ولا توقُّفٍ لمعرفة ما عندهم من الشُّبه والجهالات. (فانظر مجموع الفتاوى 28/ 553 وحاشية ابن عابدين 4/ 244).
فالنقل الأول عن شيخ الإسلام يدلُّ على وجود بدعٍ كفريةٍ وبدع غير كفرية , وهو ظاهر , لكني أذكره لمن لا يطمئنّ قلبه إلا بأمثاله. وأما التقرير الثاني المذكور بعده عن شيخ الإسلام وعن غيره من العلماء فيدل على وجود بدع لا يُعذر فيها أحدٌ بأيِّ عذر. وهذه هي الأقسام الثلاثة للبدعة التي ذكرتها في الأصل , قد قرّرها العلماء من قبل.
¥