تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأمر الثالث: بالنسبة لموقف ابن الأمير من معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وولده يزيد، فقد ورد عن ابن الأمير في أكثر من موضع بأن معاوية بن أبي سفيان من الظلمة البغاة في اغتصابه مقام الخلافة، وأن الفئة المحقة علي ومن في حزبه، والفئة الباغية معاوية ومن في حزبه (8)، وقد ورد في بضع مواضع لعن معاوية ويزيد ابنه، وفي بعضها لا يكون اللفظ من كلام ابن الأمير إنما يكون نقلاً عن غيره كابن أبي الحديد وغيره، كما في الروضة الندية شرح التحفة العلوية (9)، أما في الديوان حيث جاء القول: (قال يزيد بن معاوية لعنهما الله أبياته المعروفة) (10)، فليس من قول ابن الأمير، وكذلك أبياته في الديوان (11) لا تخرج عن كلامه في أنه من البغاة، وهذا الكلام عن معاوية وابنه يزيد ثابت عن ابن الأمير (غفر الله له).

الأمر الرابع: أما مسألة كون معاوية من البغاة فيقال: ربما أن ابن الأمير قد استند إلى حديث أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمار: رضي الله عنه "تقتلك الفئة الباغية" (12) وهو حديث ثابت، ورواه مسلم، وقد أشار ابن الأمير نفسه إلى جملة طرقه في توضيح الأفكار (13)، وشرحه في كتابه سبل السلام (14)، وتكلم عن مسألة قتال البغاة وأنه إجماع لقوله تعالى: (فقاتلوا التي تبغي). وإذا كان كلامه (رحمه الله) من باب الكلام في قتال البغاة، فهذا قد يقال إنه من باب الاجتهاد، ومن باب وقوع الاختلاف في المسألة، أما تعيينه بأن رأس البغاة ورأس النواصب معاوية وابنه يزيد (15) فهذا مما كان ينبغي لابن الأمير أن لا يخوض فيه، وكان الأولى به (غفر الله له) القول بقول الله تعالى: (ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم).

والعمل بما قرره نفسه في مواضع من تحريم سب الأموات أو لعنهم أو النيل منهم حيث قال في الحديث الذي روته عائشة رضي الله عنها: "لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا" (16). قال: ظاهره العموم للمسلم والكافر (17).

وكذلك قوله: (والحديث إخبار بأنه ليس من صفات المؤمن الكامل الإيمان السب واللعن، إلا أنه يستثني من ذلك لعن الكافر، وشارب الخمر، ومن لعنه الله ورسوله) (18).

وفي إيقاظ الفكرة بعد أن نقل عن ابن قيم الجوزية في كتابه الجواب الكافي في تعداد من لعنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا عرفت هذا، فليس لمن قاتل الباغي مثلاً أن يلعنه ويسبه وينال منه، إن لم يرد ذلك عن الشارع ... وقد ورد فيمن جلده صلى الله عليه وسلم على الخمر أنه سبه بعض الصحابة، فنهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وقال: "لا تعينوا الشيطان على أخيكم" (19)، وأنه ليس لنا التصرف في عباد الله في أموالهم ولا في أعراضهم ولا دمائهم إلا بالإذن الشرعي، فالأصل منع الإضرار فلا ينتقل عنه إلا بالدليل) (20).

وفي ختام هذا المبحث أشير إلى أن العليمي، قد ذكر بعض الانتقادات التي وجهت إلى ابن الأمير ورد عليها (21)، من ذلك: قول ابن الأمير بعد ذكر اسم علي بن أبي طالب –عليه السلام- قال العليمي: (والمتأمل لهذا الأمر يرى أن الصنعاني –رحمه الله- قال: (واختلفوا أيضاً في السلام على غير الأنبياء بعد الاتفاق على مشروعيته في تحية الحي، فقيل: يشرع مطلقاً، وقيل: تبعاً ولا يفرد بواحد لكونه صار شعاراً للرافضة، ونقله النووي عن الشيخ محمد الجويني، قلت –أي ابن الأمير-: هذا التعليل بكونه صار شعاراً لا ينهض على المنع؛ والسلام على الموتى قد شرعه الله على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم "السلام عليكم دار قوم مؤمنين" (22).

قال العليمي: إن قول الصنعاني –عليه السلام- بعد ذكر علي لا تعني أكثر من معناها الذي تدل عليه اللغة، ولا ينبغي تحميلها أكثر من ذلك؛ لأن الصنعاني وغيره كابن الوزير لم يستعملاها لعلي فقط، بل يطلقانها على غيره والأمر كما قال العليمي لا ينبغي إعطائها أكثر من حجمها، والله أعلم.

ومما ذكره من الانتقادات أيضاً: عدم ترضيه عن بعض الصحابة أو الترجمة لهم وهذا إما سهواً من ابن الأمير أو اختصاراً ولا يقصد من وراء ذلك شيئاً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير