و قد قلت سابقا لو أن الناس عقلوا عني: التشريع له معنى ابتداء الفرض وله معنى ايقاع التكليف وعدم ايقاعه. ويدل على أن الشريعة هي ما وقع على المكلف نفي أهل العلم لكثير من الأحكام التي شرعت من الله ثم نسخت فهي ليست من الشريعة مع أن الذي شرعها في حينها هو الله ولكن عندما نفيت عن المكلف خرجت من الشريعة فدل هذا على أن الشريعة هي ما وقع على المكلف و هذا يعني أن الموقع لهذا التكليف يسمى مشرع والنبي صلى الله عليه وسلم كما وصف أهل العلم و كما ذكرت من حيث منحه الحق في إيقاع التكليف أو نفيه فهو مشرع و يوصف بأنه مشرع لا ريب. والله أعلم.
و جزى الله أخي أبا حازم خير الجزاء و نفع بعلمه و رضي عني وعنه و يغفر الله لي وله و لمن قرأ ما كتبنا
و هذا هو الرد الأخير و الله أعلم و أحكم.
ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[07 - 06 - 07, 12:25 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أخي الكريم أبا حمزة غفر الله لك وسامحك الله على هذا الكلام وإني والله أعذرك وألتمس لك مخرجاً لالتباس المسألة عليك وحالي وإياك كما قال الخليل بن أحمد لابنه حينما استنكر عليه ترداده بحور الشعر فقال الخليل رحمه الله:
لو كنت تعلم ما أقول عذرتني أو كنت تعلم ما تقول عذلتكا
لكن جهلتَ مقالتي فعذلتني وعلمتُ أنك جاهل فعذرتكا
لكن الفرق بين الأمرين أنك لست جاهلا بل طالب علم لكنك جهلت قولي في هذه المسألة وأنا أبين لك ذلك:
أخي الكريم:
لا بد أن تفرق بين مسألتين وهما الجواز العقلي والوقوع الشرعي وهذه اصطلاحات القوم ينبغي أن تكون عارفاً بها حين تتكلم في مسائلهم، فالجواز العقلي هو الذي قال به ابن السبكي وأزيدك أيضاً ابن السمعاني بل كما قال ابن السبكي جوزه الباقون بما فيهم بعض بالمعتزلة وغيرهم وإنما منعه عقلاً جمهور المعتزلة ومن وافقهم وهذا لا إشكال فيه فأنا أقول إنه يجوز عقلا ذلك ولا يمتنع.
أما الوقوع الشرعي فهو الذي قال به موسى بن هارون ولم يقل به ابن السبكي يا اخي ولو تدبرت كلام ابن السبكي في الإبهام وفي جمع الجوامع لعلمت الفرق وهذا نص كلامه:
قال في الإبهاج (3/ 196 – 197): (فقد اختلف العلماء في أن هل يجوز أن يفوض الله تعالى حكم حادثة إلى رأي نبي من الأنبياء أو عالم من العلماء فيقول له احكم بما شئت فما صدر عنك فيها من الحكم فهو حكمي في عبادي ويكون إذ ذاك قوله من جملة المدارك الشرعية فذهب جماهير المعتزلة إلى امتناعه وجوزه الباقون منهم ومن غيرهم وهو الحق وقال أبو علي الجبائي في أحد قوليه يجوز ذلك للنبي دون العالم وهذا هو الذي اختاره ابن السمعاني وذكر الشافعي في كتاب الرسالة ما يدل عليه وجزم بوقوعه موسى بن عمران من المعتزلة وتوقف الشافعي رضي الله عنه كما نقله المصنف وهذا التوقف يحتمل أن يكون في الجواز وأن يكون في الوقوع مع الجزم بالجواز وبالأول صرح الإمام وكذلك الآمدي فقال ونقل عن الشافعي في كتابة الرسالة ما يدل على التردد بين الجواز والمنع ولكن الثاني أثبت نقلا وعليه جرى الأصوليون من أصحابنا الشافعية .. )
وقال في جمع الجوامع (2/ 391 – 392): (" مسألة يجوز أن يقال " من قبل الله تعالى " لنبي أو عالم " على لسان نبي " احكم بما تشاء " في الوقائع بغير دليل " فهو صواب " أي موافق لحكمي بأن يلهمه إياه إذ لا مانع من جواز هذا القول " ويكون " أي هذا القول " مدركاً شرعياً ويسمى التفويض " لدلالته عليه " وتردد الشافعي " فيه " قيل في الجواز وقيل في الوقوع " ونسب إلى الجمهور فحصل من ذلك خلاف في الجواب وفي الوقوع على تقدير الجواز " وقال ابن السمعاني يجوز للنبي دون العالم "؛ لأن رتبته لا تبلغ أن يقال له ذلك " ثم المختار " بعد جوازه كيف كان أنه "لم يقع "وجزم بوقوعه موسى بن عمران من المعتزلة ... )
وأخيراً أنت طلبت أخي الكريم تأويل حديث " لو قلت نعم لوجبت " وذكرت لك ما قاله الشراح كالنووي وابن حجر وقد زدتك أدلة لقولك ثم أجبت عنها.
وأخيرا أخي الكريم.
أذكرك بقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر " متفق عليه من حديث ابن مسعود 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -.
و لم يكن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سباباً ولا فحاشاً ولا لعاناً كان يقول لأحدنا عند المعتبة: " ما له ترب جبينه " رواه البخاري عن أنس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -:
أوردها سعد وسعد مشتمل ما هكذا يا سعد تورد الإبل