وكأنك لست أنت من نقل من الابهاج بل ومن نفس الصفحة! التي ذكرت فيها النقل السابق حيث تقول أنت
(الثالث: قال السبكي في الإبهاج (3/ 198) نقلاً عن البيضاوي صاحب المنهاج ... )
وفي نفس المصدر ونفس الصفحة ورد قول العلماء الذي تطلبه أنت ففي (3\ 196 - 198) الابهاج شرح المنهاج نفس الصفحة! قال السبكي:
(فقد اختلف العلماء في أن هل يجوز أن يفوض الله تعالى حكم حادثة إلى رأي نبي من الأنبياء أو عالم من العلماء فيقول له احكم بما شئت فما صدر عنك فيها من الحكم فهو حكمي في عبادي ويكون إذ ذاك قوله من جملة المدارك الشرعية فذهب جماهير المعتزلة إلى امتناعه وجوزه الباقون منهم ومن غيرهم وهو الحق).
لماذا لم تنقل الحق عندما وجدته؟
لماذا لم تقل بأن السبكي بجلالة قدرة قد أخذ بهذا القول عندما جعلته أنت حكرا على المعتزلة؟ أهكذا حظوظ النفوس؟
و قبلها لماذا نفيت ما لم تكن تعلم عن ثبوته من عدم ثبوته شيئاً؟
فحلال لك أن تبدي بنيات أفكارك و تأطر الناس عليها وحرام علي أن أرد برأيي و علمي؟؟
سبحان الله
بل وتقول جازما بنفي هذا القول:
(فالمقصود من أين لك هذا؟ (
ولكن رحم الله إسماعيل بن محمد عندما روى عن عامر بن سعد عن أبيه سعد قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم في الصلاة تسليمتين تسليمة عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وتسليمة عن يساره السلام عليكم ورحمة الله حتى يرى بياض خده من ها هنا ومن ها هنا قال فذكر هذا الحديث عند الزهري فقال هذا حديث لم نسمعه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له إسماعيل بن محمد أكل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعت قال الزهري لا قال فثلثيه قال لا قال فنصفه قال فوقف الزهري عند النصف أو عند الثلث فقال له إسماعيل اجعل هذا الحديث فيما لم تسمع.
وهذا القول الذي قال به بعض أهل العلم في حق رسول الله ليس باجتهاد بالنسبة له لأن الاجتهاد هو الذي يترتب عليه خطأ و صواب و أجر و أجران أما الحكم الذي لا يراجع فيه الحاكم في دين الله و بإذن الله و رضاه فهو " حكم نافذ و شرع مرضي " وهذا ما كان يقول به جماعة من أهل العلم كما أثبتت نقولات أهل الأصول في كتبهم.
و تلخيص رأيي في كل هذا الأمر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يأتي بحكم ليس له أصل في الشرع من حيث أنه يشرع ابتداءا لأن الله تعالى يقول " إن الحكم الا لله " - وهذا الكلام قلته سابقا ً - ً أي أن النبي صلى الله عليه و سلم لا يشرع ابتداءا الا بوحي حيث قلت في أول رد لي مصيباً كبد ما قاله أهل العلم " وهذا واضح ولا ينافي الرجوع الى الله و قوله تعالى " إن الحكم الا لله " فإن ذلك مما أعطاه الله عز وجل لنبيه و يرتبط غالبا بعبادات اصل تشريعها من الله فيكون للنبي صلى الله عليه و سلم التصرف فيها أو التغيير في كيفيتها ولكن الأمور العقدية والغيبية هي تشريعات محضة من الله تعالى ". ولكن الله عز وجل يفوض إلى نبيه صلى الله عليه و سلم الحكم في مسائل من الدين بحيث ينفذ فيها الحكم أو لا ينفذه أو يوجبه على المكلف أو لا يوجبه كقوله تعالى لذي القرنين " أما أن تعذب و إما أن تتخذ فيهم حسنا " فتشريع القتل باعتبار أنه هو العذاب المذكور فهو من الله ابتداءا و لكن اثبات هذا التشريع في هذه المسألة و انفاذه مفوض لذي القرنين فهو مشرع من حيث أنه هو الذي اختار إيقاع هذا الشرع على هذه المسألة باختيارة دون الرجوع الى ربه و كذلك قول رسول الله صلى الله عليه و سلم " لو قلت نعم لوجبت " فربه قد شرع في الأصل الحج ولكنه فوض اليه الحق في أن يفرض حجة كل عام لو شاء فكان حق " إضافة حجة كل عام " إلى الشريعة الاسلامية مفوض إلى رسول الله ولكنه لم يختر إيقاع هذا التشريع فكان مشرعا من حيث إثبات هذه التشريع في دين الله أو نفيه.
وهل التشريع الا تكليف و نفي تكليف عن العبد؟
¥