تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والأمر يقتضي الوجوب في قول جماهير الأصوليين والفقهاء؛ فيجب على المسلم امتثاله، لاسيما وقد اجتمع في ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وفعله، وهو هدي النبيين جميعاً، وكذلك فعل الصحابة، والتابعين لهم بإحسان، لا يعرف لهم مخالف ولذلك حكى أبو محمد بن حزم الإجماع على حرمة حلقها؛ حيث قال في "مراتب الإحماع": "واتفقوا أن حلق جميع اللحية مثلة، لا تجوز، وكذلك الخليفة والفاضل والعالم"، وأقره شيخ الإسلام ابن تيمية في "نقد مراتب الإحماع" فلم يتعقبه، وقال "شرح العمدة": "فأما حلقها فمثل حلق المرأة رأسها وأشد لأنه من المثلة المنهي عنها وهي محرمة"،

أما قوله: "ويجوز للزوجة أن تطلق نفسها من خلال ما جاء في عقد الزواج أو أن يفوضها زوجها في ذلك".

فالأصل أن الطلاق في النكاح الصحيح اللازم بيد الرجل لا غيره، وهو الذي يُنْفِذْه إن شاء، ولا تكون العصمة بيد الزوجة إلا بتفويض من الزوج، وهذا التفويض إما أن يكون قبل العقد، أو بعده:

فإذا كان بعد العقد، فأكثر الفقهاء على جوازه، ونقل الإجماع على ذلك، وأكثرهم قيدوه بمجلس التفويض.

وأما إن كان قبل العقد، فلا يصح عند أكثر الفقهاء؛ لأنه مخالف لمقتضى عقد النكاح الذي يجعل القوامة وحق الطلاق للرجل لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق:1]، وقوله: {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ} [البقرة:229]، والآيات في هذا المعنى كثيرة، وهي دالة على جعل الطلاق منسوباً إلى الرجل لا إلى المرأة، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الطلاق لمن أخذ بالساق))؛ رواه ابن ماجه، ونظرا لطبيعة المرأة العاطفية التي قد تدفعها لإساءة التصرف، فتطلق نفسها لأهون الأسباب، وتهدم عش الزوجية؛ قال ابن رشد في "بداية المجتهد": "لأن العلة في جعل الطلاق بأيدي الرجال دون النساء هو: لنقصان عقلهن، وغلبة الشهوة عليهن مع سوء المعاشرة".

وأجازه الحنفية في حال ابتدأت به المرأة فقالت: زوجت نفسي منك على أن يكون أمري بيدي، فقال الزوج: قبلت، أما لو بدأ الزوج فقال: تزوجتك على أن أمرك بيدك، فلا يكون أمرها بيدها؛ لأن التفويض وقع قبل الزواج.

أما قوله: "إن هناك 50 امرأة تولت ولاية المسلمين عبر التاريخ":

فهو استدلال طريف جدا! ووجه الطرافة فيه - على فرض صحتة – أن مصادر التشريع هي الكتاب والسنة والإجماع والقياس، فالأولان متفق على الاحتجاج بهما، وخالف داود وابن حزم في الاحتجاج بالقياس، وهناك مصادر أخرى مختلف فيها كالاستحسان، والمصالح المرسلة، وفعل الصحابي، والاستصحاب، والعرف، وعمل أهل المدينة، والمفهوم إلى غير ذلك، وليس في واحد منها ما احتج به الشيخ، فلو أنه كلف نفسه ونقل لنا اسم امرأة واحدة منهن؛ لأن أئمة الإسلام قد نقلوا خلاف ذلك؛ قال ابن قدامة في "المغني": "لم يولِّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أحد من خلفائه ولا من بعدهم امرأة قضاءً ولا ولاية بلد - فيما بلغنا - ولو جاز ذلك لم يخل منه جميع الزمان غالبا".

وليعلم أن تولية المرأة الإمامة باطل بالنص والإجماع والمعقول؛ أما النص فقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة))؛ رواه البخاري عن أبي بكرة قال الإمام الشوكاني في "نيل الأوطار": "فيه دليل على أن المرأة ليست من أهل الولايات ولا يحل لقوم توليتها؛ لأن تجنب الأمر الموجب لعدم الفلاح واجب، وقال: ولأن هذا المنصب تناط به أعمال خطيرة وأعباء جسيمة تتنافى مع طبيعة المرأة، وفوق طاقتها؛ فيتولى الإمام قيادة الجيوش ويشترك في القتال بنفسه أحيانا".

أما الإجماع: فقد أجمعت الأمة على منعها من تولي منصب الإمامة على جميع المسلمين أو بعضهم، ولم يخالف في ذلك أحد من علماء المسلمين في كل عصورهم. كما نقله ابن قدامه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير