ـ[أبو عبدالرحمن بن أحمد]ــــــــ[03 - 08 - 09, 06:18 م]ـ
جاء في (البخاري)
عن عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ
أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْتُ بَلَى قَالَ هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنِّي أُصْرَعُ وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي قَالَ إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ فَقَالَتْ أَصْبِرُ فَقَالَتْ إِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ فَدَعَا لَهَا
قال البخاري حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّهُ رَأَى أُمَّ زُفَرَ تِلْكَ امْرَأَةً طَوِيلَةً سَوْدَاءَ عَلَى سِتْرِ الْكَعْبَةِ) وقال ابن حجر في "الفتح" (وجدت الحديث في " الأدب المفرد " للبخاري وقد أخرجه بهذا السند المذكور هنا بعينه وقال " على سلم الكعبة " فالله أعلم. وعند البزار من وجه آخر عن ابن عباس في نحو هذه القصة أنها قالت " إني أخاف الخبيث أن يجردني، فدعا لها فكانت إذا خشيت أن يأتيها تأتي أستار الكعبة فتتعلق بها " [1]
وقد أخرج عبد الرزاق عن ابن جريج هذا الحديث مطولا، وأخرجه ابن عبد البر في " الاستيعاب " من طريق حجاج بن محمد عن ابن جريج عن الحسن بن مسلم أنه سمع طاوسا يقول " كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤتى بالمجانين فيضرب صدر أحدهم فيبرأ، فأتي بمجنونة يقال لها أم زفر، فضرب صدرها فلم تبرأ، قال ابن جريج وأخبرني عطاء " فذكر كالذي هنا)
وقال شيخ الإسلام في (مجموع الفتاوى- (ج 15 / ص 227))
وَلَمَّا كَانَتْ الْكَعْبَةُ بَيْتَ اللَّهِ الَّذِي يُدْعَى وَيُذْكَرُ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ يُسْتَجَارُ بِهِ هُنَاكَ وَقَدْ يُسْتَمْسَكُ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ كَمَا يَتَعَلَّقُ الْمُتَعَلِّقُ بِأَذْيَالِ مَنْ يَسْتَجِيرُ بِهِ كَمَا قَالَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ: إنَّ الْحَرَمَ لَا يُعِيذُ عَاصِيًا وَلَا فَارًّا بِدَمِ وَلَا فَارًّا بِخَرِبَةِ. وَفِي الصَّحِيحِ: {يَعُوذُ عَائِذٌ بِهَذَا الْبَيْتِ}.
و قال في (الرد على البكري - (ج 2 / ص 24)
ولما كانت الكعبة بيت الله الذي يدعى و يذكر عنده فإنه سبحانه يستجار به و يستغاث به هناك وقد يتمسك المتمسك بأستار الكعبة كما يتعلق المتعلق بأذيال من يستجير به ومنه قول عمرو بن سعيد لأبي شريح إن الحرم لا يعيذ عاصيا ولا فارا بدم و لا فارا بخربة
وفي الحديث الصحيح يعوذ عائذ بهذا البيت
و منه قول القائل ... ستور بيتك ذيل الأمن منك وقد ... علقتها مستجيرا أيها الباري ...
... وما أظنك لما أن علقت بها ... خوفا من النار تدنيني من النار ...
ويسمى ذلك المكان المستجارة وقد كان من السلف من يدخل بين الكعبة و أستارها فيستعيذ و يستجير بالله و يدعوه و يتضرع إليه هناك)
و قال في (جامع المسائل لابن تيمية - عزير شمس - (ج 3 / ص 107)
وهذا رسولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد أمرنا أن نصلِّيَ عليه ونُسلِّم تسليمًا في حياتِه ومماتِه، وعلى آل بيتِه، وأمَرنا أن ندعو للمؤمنين والمؤمنات في محياهم ومماتهم، عند قبورهم وغير قبورِهم، ونهانا الله أن نجعل له أندادًا، أو نُشبِّه بيتَ المخلوق الذي هو قبرُه ببيتِ الله الذي هو الكعبةُ البيت الحرامُ، فإنّ الله أمرنا أن نحجّ ونُصلّي إليه ونطوفَ به، وشرعَ لنا أن نَستلم أركانَه، ونُقبِّلَ الحجرَ الأسودَ الذي جعلَه الله بمنزلة يمينه. قال ابن عباس: "الحجر الأسود يمينُ الله في الأرض، فمن استلَمه وصافحَه فكأنما صافحَ الله وقَبَّلَ يمينَه".
وشرعَ كسوةَ الكعبةِ وتعليقَ الأستارِ عليها، وكان يتعلَّق من يتعلَّق بأستار الكعبة كالمتعلق بأذيال المستجار به، فلا يجوز أن تُضاهَى بيوتُ المخلوقين ببيت الخالق.
ولهذا كان السلف ينهون من زَارَ قبرَ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يُقَبِّلَه، بل يُسلِّم عليه -بأبي هو وأمي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويُصلِّي عليه، كما كان السلف يفعلون.)
[1] ضعفه الهيثمي في" المجمع" بفرقد السبخي
¥