تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وحينما نشطَ اليهودُ في تركيا، ودعوا إلى إقامةِ قوميّةٍ تركيّةٍ، تحُلُّ محلَّ الرابطةِ الدينيّةِ، ظهرتْ مظاهرُ عدّة ٌ في الواقع ِ، تدعو إلى نبذِ الدين ِ، وتظهرُ العداءَ لبعض ِ شعائرهِ، ومع مرورِ الوقتِ، تطوّرتْ هذه الحركة ُ، حتى جاءَ مصطفى كمال أتاتورك، وقامَ بإلغاءِ الخلافةِ، وأنشأ الدولة َ التركيّة َ العلمانيّة َ، وحاربَ جميعَ العلماءِ وسجنهم، وراجَ على إثرَ ذلكَ الكفرُ والإلحادُ، وظهرتْ عدّة ُ كتبٍ تدعو إلى الإلحادِ، وتطعنُ في الأديان ِ، ومنها كتابٌ بعنوان ِ " مصطفى كمال "، لكاتبٍ اسمهُ قابيل آدم.

هذه الجرأة ُ في تركيا قابلها جرأة ٌ مماثلة ٌ، في مصرَ، سمّيتْ ظلماً وزوراً عصرَ النهضةِ الأدبيّةِ والفكريّةِ، بينما هي في حقيقتها حركة ٌ تغريبيّة ٌ، تهدفُ إلى إلحاق ِ مصرَ بالعالم ِ الغربيِّ، والتخلّق ِ بأخلاقهِ، واحتذائها في ذلكَ حذوَ تركيّا، التي خلعتْ جلبابِ الحياءِ والدين ِ، وصبغتْ حياتها بطابع ِ العلمانيّةِ والسفور ِ والتمرّدِ.

في تلكَ الحقبةِ في مصرَ، ظهرَ العديدُ من المفكّرينَ والأدباءِ، يدعونَ إلى التغريبِ والإلحادِ، وفتح ِ بابِ الرّدةِ، باسم التنوير ِ تارة ً، وباسم النهضةِ الأدبيّةِ تارة ً أخرى، ومرّة ً باسم الحرّياتِ الفكريّةِ، وتلقّفتْ مصرُ – في تلكَ الفترةِ - دونَ تمييز ٍ، جميعَ أمراض ِ المجتمع ِ الأوربيِّ، وكذلكَ أخلاقهُ المنحلّة َ، وأصبحتْ قطعة ً من أوروبا، ومن فرنسا تحديداً، وعاثَ في أرضها بعضُ المستشرقينَ فساداً وإفساداً، ثمّ سلّموا دفّة َ الإفسادِ إلى بعض ِ المصريينَ، ممن لم يتوانوا في نشر ِ الكفر ِ والإلحادِ، وسعوا سعياً حثيثاً إلى إلغاءِ الفضيلةِ والأخلاق ِ الإسلاميّةِ، وإحلال ِ النفعيّةِ والماديّةِ محلّها، حتّى أصبحَ دُعاة ُ الإسلام ِ والمُحافظةِ غرباءَ على المُجتمع ِ دُخلاءَ عليهِ، ويوصفونَ بالجمودِ والتخلّفِ والعداءِ للحضارةِ!!.

وبما أنّ مصرَ هي رئة ُ العالم ِ في ذلكَ الوقتِ، فقد انتقلتْ حمّى الردةِ والإلحادِ، إلى جميع ِ دول ِ الجوار ِ، ابتداءً من الشام ِ، ومروراً بالعراق ِ، والخليج ِ بما فيها السعودية ُ، وانتهاءً ببلادِ اليمن ِ.

وسأذكرُ الآنَ بعضَ أشهر ِ الملاحدةِ والمرتدينَ، الذينَ نبذوا الدينَ جانباً، واستبدلوا بهِ الإلحادَ أو اللادينيّة َ أو كفروا بكلِّ شرائع ِ الإسلام ِ، من الذينَ كانوا في تلكَ الفترةِ، أو بعضَ من يعيشُ في عصرنا الحاضر ِ، والذين أعملوا معاولَ الهدم ِ والتخريبِ، في الأخلاق ِ والدين ِ، وأرادوا جعلَ المجتمعاتِ نماذجَ مكرّرة ً من الدول ِ الأوربيّةِ المُنحلةِ الفاسدةِ، وحاولوا صُنعَ فجوةٍ بينَ العلم ِ والدين ِ، وأوهموا أنّ الدينَ يُعارضُ العلمَ والواقعَ، ويقفُ دونَ الانطلاق ِ إلى آفاق ٍ جديدةٍ، ويُحرّمُ الإبداعَ، ويدعو إلى الكهنوتيّةِ والتقوقع ِ.

فمن أشهرهم:

- جميل صدقي بنُ محمدِ بن ِ فيضي الزهاوي، شاعرٌ من شُعراءِ العراق ِ، وُلدَ سنة َ 1279 هـ في بغدادَ، وكانَ أبوهُ مُفتي بغدادَ في تلكَ الفترةِ، وقد تنقّلَ كثيراً في المناصبِ والوظائفِ، وهو أحدُ أعمدةِ التشكيكِ في شعرهِ وآراءهِ، وقد كانَ ينحى منحى الفلاسفةِ، ويُقرّرُ طريقة َ الفلاسفةِ في التعامل ِ مع الأديان ِ، ومع الغيبياتِ، حتّى سمّاهُ النّاسُ زنديقاً!، وقد كانَ من المفتونينَ بالعالم ِ الماديِّ، وبالظواهر ِ الطبيعيّةِ، مُعظّماً لها، وصنّفَ في ذلكَ الكثيرَ من الرسائل ِ والكُتبِ.

- إسماعيلُ بنُ أحمدَ بنُ إسماعيلَ، والمعروفُ اختصاراً بإسماعيل أدهم، أحدُ أبأس ِ الملاحدةِ، وأشقاهم، وأكثرهم مأساوية ً وشقاءً، كانَ من دُعاةِ الشعوبيّةِ، تنقّلَ في الدراسةِ بينَ مصرَ وتركيّا وروسيا، وتخصّصَ في الرياضياتِ، وحصلَ على شهادةِ الدكتوراةِ فيها، وكتبَ وألّفَ العديدَ من الرسائل ِ، وفي سيرتهِ أشياءُ كثيرة ٌ من نبوغهِ وتقدّمهِ، منها أنّهُ كانَ يعرفُ العديدَ من اللغاتِ، وكذلكَ حصلَ على العديدِ من الشهاداتِ العلميّةِ، وبعدَ موتهِ حصلَ تشكيكٌ كثيرٌ في ذلكَ وتكذيبٌ لها، وقد طعنَ فيهِ الناسُ في حياتهِ وبعدَ موتهِ، وشكّكوا كذلكَ في رسائلهِ وبحوثهِ، وهو أحدُ كُتّابِ مجلّةِ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير