تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الوثنيون حين دخلوا للنصرانية بعد قرنين أو يزيد من رفع المسيح ـ عليه السلام ـ، جعلوا ينتقون منها بأهوائهم، وجيء ببولس وتلك الكتابات التي بين أيديهم من تحت ركام الأيام، فعقيدة النصارى الآن ظهرت واستقرت بعد قرون من هلاك بولس ورفع المسيح ـ عليه السلام ـ ولا علاقة لأي منهما في ظهورها، بل الذي أظهر ذلك وفعَّلَهُ هم الرومان الوثنيون.! حتى الكتابات المنسوبة لبولس منها ما لا يعرف كاتبه، على سبيل المثال (سفر أعمال الرسل) وهو أهم الأسفار المنسوبة لبولس.!

هذه هي الحقيقة التي لا يجهلها أحد.

احترتُ كثيراً وأنا أفكر في العقَّاد من أين جاء العقاد بهذا الكلام؟! وكيف طوعت له نفسه أن يُصور بولس ـ لعنه الله ـ وكأنه جاهد واجتهد، وشدَّ واشتد حتى مكن للنصرانية. وكأنه على خطى المسيح ـ عليه السلام ـ بالحق يصيح!! كيف طوعت له نفسه أن يتكلم بهذا الكذب المكشوف؟!

والتفسير الذي ترتاح له نفسي بعد تمعن في حال الرجل وبعد ساعات قضيتها بين كتبه هو أن العقَّاد كتب هذا الكتاب متأخراً بعد أن انتشر اسمه وعرف الناس سعة إطلاعه، وكان في زمن لا يقرأ فيه أحد ولا يكتب، وحَسِبَ أن الناس لن يقرءوا ولن يكتبوا، وإن تعلموا الكتاب والقراءة فلن يفتش أحد وراءه، وبالتالي لن يعرفوا أن الرجل يتكلم من رأسه.!!

لن تجد مبرراً غير هذا لهذا الهراء الذي يتكلم به العقَّاد.!!

ودليل ذلك أن العقاد في طبعته الثانية للكتاب ردَّ على من اعترضوا عليه بأنه فتح الإنجيل أكثر من ألف مرة، وأنه يعرف مالا يعرفون، وحقَّر من شأنهم، وألقى في وجههم تراب البيان دون أن يناقش حججهم أو يعتني بقولهم!!

ودليل ذلك أيضاً أنني سأجد المعترضين على هذه المقالات فقط يصرخون بصوت عالٍ: تعترض على العقاد؟!!

مع أني أنقل كلامه برقم الصفحة وأناقش بالدليل من كتاب النصارى ومن كتاب الله. وارتقبوا معي لن تجدوا إلا ما تركه لهم العقاد .. صراخ وعويل، وستارٌ من الكبر يحتمون خلفه .. هذا ما عندهم.

والمقصود بيانه هو:

ـ أن العقاد يدافع عن باطلٍ صريحٍ بلا دليلٍ صحيح أو غيرِ صحيح، فقط بمهارة البيان، و تصويب بولس ومن كانوا معه من المبدلين لدين الله ثابت لا شك فيه عند العقّاد.

المبحث الثاني

موقف عباس العقاد من ألوهية المسيح المزعومة

النصارى يقولون عن المسيح ـ عليه السلام ـ أنه هو الله، أو ابن الله، ثم هم مختلفون فيمن عاش بين الناس، أعني المسيح ـ عليه السلام ـ هل كان حال معيشته بين الناس إنساناً كاملاً أم (إلهاً) كاملاً أم بعضه إنسان وبعضه (إله)، يقولون بكل هذا، وكل هذا لا يجتمع، وأي من هذا لا يصح، لذا كل فرقة منهم تُكَفِّر أختها، ولا ترى نجاةً لها.!!

وكلهم يقول بأن (الإله) ولد من سيدةٍ عذراء، وتبعه اثنا عشر تلميذاً.

وكلهم يقولون: أخطأ آدم وورثت ذريته الخطيئة فتجسد الله ـ أو ابن الله ـ من أجل أن يُكَفِّرَ عن هذه الخطيئة!!

وكلهم يقول قُبض على (الإله) وسِيق مُقيداً يُبصق في وجهه ويُضرب على (قفاه)،ثم صُلب على الأخشاب وراح يصرخ من الألم!! تعالى الله وتقدس عما يقولون علواً كبيراً.

وكلهم يقول مَنْ صدق هذا الهراء فقد نجى مهما اقترف من المعاصي، فشرطُ النجاةِ عندهم هو (قبول المسيح فادياً ومخلصاً). فقط تصدق هذا الكذب وتنجو!!

وهذا الكلام كلِّه ليس بجديد. . كلُّه قديم .. !!

ففي القرن التاسع عشر الميلادي، تأسس علم مقارنة الأديان، وساح أحد الباحثين في الأرض يتتبع الديانات الوثنية فوجد أن ما يقال على المسيح ـ عليه السلام ـ من قبل النصارى قد قيل من قبله على غيره (1) [15]، فليس في عقيدة النصارى الموجودة اليوم، والتي أسسها بولس ـ كما مر في المقال الماضي ـ شيئاً جديداً أبداً. كلها من الوثنيات (2) [16]!!

وشيءٌ آخر:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير