تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعندنا:? وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى {3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى {4} عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى {5} ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى {6} وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى?

ويسرد العقاد أحداثَ الحديبية ولا يرى فيها أثرَ الوحي مطلقاً، مع أنها كلها كانت من الوحي، حُبِسَت القصواء بحابس الفيل، وكانت المعاهدة، وكان (الامتناع) عن امتثال الأمر من الصحابة الكرام والذي ينذر بالتمرد في ظاهره، ولم يقدم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تفسيراً غير قوله (إني رسول الله ولن يضيعني) صلى الله عليه وسلم، ولو كان عنده تفسير لقدَّمَهُ. بل كان وحياً يسمع له ويطيع وإن لم يفهم مآلات الأمور.

ناقة النبي صلى الله عليه وسلم

وتعرض العقاد لدخول النبي صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة، وتنافس الأنصار عل ضيافته فانظر ماذا يقول العقاد؟

يقول: (استقبلته الوفود تتنافس على ضيافته ونزوله، وهو يشفق أن يقدح في نفوسها شرر الغيرة بتميز أناس منهم على أناس أو اختيار محلة دون محلة .. فترك لناقته خطامها تسير ويفسح الناس لها طريقها حتى بركت حيث طاب لها أن تبرك، وفصلت فيما لو فصل فيه إنسان كبير أو صغير لما مضى فصله بغير جريرة لا تؤمن عقباها بعد ساعتها، ولو أمنت في تلك الساعة على دخل وسوء طوية)

انظر كيف يقرأ الحدث؟!

كيف يلوي الحقائق؟!!

بل وكيف يكذب؟

يقول ابن القيم (ركب بأمر الله له فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف فجمع بهم في المسجد الذي في بطن الوادي. ثم ركب فأخذوا بخطام راحلته هلم إلى العدد والعدة والسلاح والمنعة فقال خلوا سبيلها فإنها مأمورة فلم تزل ناقته سائرة به لا تمر بدار من دور الأنصار إلا رغبوا إليه في النزول عليهم ويقول دعوها فإنها مأمورة فسارت حتى وصلت إلى موضع مسجده اليوم وبركت) (14)

فالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ركب بأمر الله، والناقة مأمورة تسير بأمر الله، ولكن العقاد لا ير ذلك كله، إنه يتكلم من تلقاء نفسه.

خالد بن الوليد

ويوم الحديبية عزم خالد بن الوليد ـ وكان على رأس خيل قريش ـ أن يغير على المسلمين حال صلاتهم العصر، وتكلم هو وأصحابه بأن للمسلمين صلاةً (العصر) هي أحب إليهم من أبنائهم وأموالهم) (15) وتقول الروايات بأن جبريل نزل من السماء وأخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بما يفكر فيه خالد وأصحابه، فصلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأصحابه صلاة الخوف (16)، فعلم خالد أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ممنوع، وحاول خالد أن يغدر بالمسلمين بغير هذه الوسيلة .. كان عازماً على الحرب سالكاً أسبابها، وعباس العقَّاد لا يعرف هذا، بل يسند الفعل للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكأنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ من تلقاء نفسه عرف ما ينويه خالد وأصحابه، يقول العقاد على لسان خالد بن الوليد: (هممنا أن نغير عليه، ثم لم يعزم لنا، وكان فيه خيرة، فاطلع على ما في أنفسنا من الهجوم به، فصلى بأصحابه العصر صلاة الخوف) (17) وقبل هذا النص بسطرين يقول (وهمَّ خالد أن يغير عليه لولا نخوة من الفروسية أبت له العدوان على المسالم وقمعت فيه طمع الرئيس الموتور)، وهذا تضارب فلا ندري هل مُنع الرسول صلى الله عليه وسلم من خالد بخيريته التي علم بها كما يدعي فيما ينقله عن خالد؟ أم أن خالدا كف شره بموجب حسن الخلق الذي يتمتع به كما يزعم العقاد؟

ولو نقل الرواية التي نقلها ابن حجر في شرح حديث البخاري (3817) وهي أشهر وأوضح وفيها أن جبريل هو الذي أخبر النبي لكان أولى به وأفضل.

نعيم بن مسعود

ويقول بأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ربما بلغ برجل واحد في هذا الغرض ما لم تبلغه الدول بالفرق المنظمة، وبالمكاتب والدواوين، وبدر الأموال، ويضرب مثالا بـ نعيم بن مسعود ـ رضي الله عنه (18)

والعقاد يقف منفرداً كما هي عادته، فهو أول من قال أن ما كان من نعيم بن مسعود هو بتدبير رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وقد راجعت ما لا يقل عن عشرين مصدراً للسيرة والحديث والتفسير كلهم على أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يزد على أن قال لنعيم بن مسعود كلمة واحدة (إنما أنت رجل واحد فخذل عنا ما استطعت)، وما درى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بشيء بعد ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير