وهذا الأمر بالنسبة لهم، وامتد هذا التيار أكثر من 100 عام، ونجح في تبسيط أفكار عصر النهضة لجمهور الناس، والتنوير هو خروج الإنسان من حالة القصور التي سببها لنفسها وحقيقة هذا القصور هو عجز الإنسان أن يكون له عقلا دون مساعدة من سواه. فعلى الإنسان الخروج من هذا القصور وهو الحاجة إلى غيره كالقيصر أو الكنيسة أو الإقطاعي وعليه أن يعتمد على عقله بعد أن تنور أن يخطط لنفسه ويصنع قيمه ومستقبله كيف يشاء. واجتمع هؤلاء التنويريون وكوّنوا أول موسوعة وسموها (دائرة المعارف: القاموس المعقول في الفنون والعلوم والصناعات) من أجل جمع المعارف الجديدة التي نتحرك بها؟ وارتبط فكرهم بأمرين هما: العقل والطبيعة وغلو فيهما. فأخذوا من الإتجاه العقلي تقديس العقل، ومن التجريبي تقديس الطبيعة. وعلى هذا الأصل بنيت مواقفهم تجاه القضايا الأخرى.وقد توّلد عن فكر عصر التنوير ما يلي:
-الربوبيون: الذي قالوا لسنا في حاجة إلى الدين فالعقل سوف يتولى اختراع القيم والأخلاق والنظم بدلا من الدين، وكذلك انحصر اهتمامهم في الحياة الدنيا.مكتفين بالإيمان بالرب فقط، وقال آخرون: أن الله نؤمن بالله وأنه خلق الطبيعة بقوانين ثابتة وخلق العقل ليدبر حياته في هذا الكون. وقد انتشر هذا المذهب بعدهم أيما انتشار. ومن الواضح أنهم خلطوا بين أمرين بين الدين وبين الخرافات. في كل مرحلة فكرية يظهر رجل يقربهم من الخير أو يقربهم من الشر، فظهر في هذه المرحلة التنويرية رجل من شياطين الإنس اسمه (هولباخ) وبدأ في الدعوة إلى رفض الإيمان بالله سبحانه وتعالى، وصارت هذه الدعوة أساس لظهور المذهب المادي.
-وقد أصبح هذا الفكر التنويري حركة اجتماعية شاملة في كل باب منه الاقتصاد ونظرية آدم سميث الشهيرة. وأما الجانب السياسي فقد تبلورت أفكارهم في (روح القوانين) لمنتسكيو الذي قيل عنه (إنجيل) الثورة الفرنسية. ومن الأفكار أيضا مسألة (العقد الاجتماعي) بين الحاكم والمحكوم، ونظرية (السيادة) فالسيادة كانت في القرون الوسطى للحاكم، وأما في العصور التنويرية فأصبحت للشعب، وبالتالي فإن الشعب هو الذي يضع القوانين والتشريعات. واشتهرت سلطة رابعة هي (الصحافة) ومسئوليتها مراقبة السلطة التنفيذية، والقضائية لكي تفضحه أمام الشعب، فإذا فضحته استبدله الشعب.
-ظهور الصالونات (ملتقيات المفكرين والمثقفين) كان مما رافق عصر التنوير، وأشهر صالون لـ (هولباخ) ومعروفة دعوته التي دعا إليها. وبعدها ظهرت المقاهي. بنفس غرض الصالونات. وكانت للصالونات سمتين بارزتين هما:
oالمشاركة النسائية: وكسر حاجز الاختلاط.
oالترويج للمذاهب الفكرية.
-تأثيرها على الآداب والفنون: واستخدموها لتبسيط الأفكار من خلال الروايات، والقصص بأساليب أدبية وأغراض فكرية.
-توجهوا للعناية بالعلوم الطبيعية والرياضية: وتشكلت نواة كل علم في هذه المرحلة في الفكر الغربي الحديث.
-عقيدة التقدم: فكانوا يرون الفكر البشري يسير بخط مستقيم نحو الرقي والتقدم ولا يمكن بعد هذا أن البشرية تعود إلى التخلف. وأما الفكرة السابقة التي كانت هي عقيدة الدور بمعنى أن الأمم تتقدم ثم تتخلف ثم يأتي غيرها فيتقدم ثم يتخلف وهكذا. وقد تحولت عقيدة التقدم إلى عقيدة التطور. هل علوم الرياضيات التي تمد العلوم الطبيعية يمكن أن تتوقف؟. وآلت هذه العقائد إلى ظهور تيارات أخرى ترى مساوئ التقنيات والتكنولوجيا في الأسلحة التي يمكن أن تدمر الإنسان. وترى أن الآلة استعبدت الإنسان، وترى ظهور الأمراض النفسية بسبب هذا التقدم بعكس الإنسان البدائي البسيط. وظهرت: الفوضوية وغيرها. وحقيقة كل تقدم بعيد عن دين الله تعالى فإن له خسائر خطيرة ومخيفة.
-وقد واكب هذه المرحلة أمران مشهوران هما: العلمانية، الماسونية.فأما العلمانية: ومعناها عندما نشأت الدنيوية: أن يكون الهدف هذه الدنيا فقط أو اللادينية: ألا يكون اشتغالنا بالدين ولا ينبغي أن يتدخل الدين في شئون الدنيا. ولكنهم أيضا قالوا: بما أن الكثير خاصة العوام لن يتخلصوا من الدين فينبغي أن نسمح به كشأن خاص به في بيته أو في دور العبادة. وظهرت العلمانية بوجهين في الفكر الغربي وهما:
oالإهمال التام للدين وعدم الاكتراث به مع وجود الإيمان.
¥