تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إذن فلصوفية عقائد شتى في الأولياء، فمنهم من يفضِّل الولي على النبي، ومنهم يجعلون الولي مساوياً لله في كل صفاته. ولهم تقسيمات للولاية، فهناك الغوث، والأقطاب، والأبدال والنجباء، حيث يجتمعون في ديوان لهم في غار حراء كل ليلة ينظرون في المقادير.

بل زعموا أن الولي يتصرف في الكون ويقول للشيء كن فيكون، وكل ولي عندهم قد وكله الله بتصريف جانب من جوانب الخلق فأربعة أولياء يمسكون العالم من جوانبه الأربعة، ويسمون الأقطاب، وسبعة أولياء آخرون كل منهم في قارة من قارات الأرض السبع ويسمون البدلاء. وعدد آخر من الأولياء في كل إقليم، وكل واحد من هؤلاء قد أوكل إليه التصريف في شيء ما، وفوق هؤلاء الأولياء جميعاً ولي واحد مراد يسمى القطب الأكبر أو الغوث وهو الذي يدبر شأن الملك كله سمواته وأرضه والأولياء جميعاً في بقاع الأرض تحت أمره.

ومنهم من لا يعتقد ذلك ولكنهم أيضاً يأخذونهم وسائط بينهم وبين ربهم؛ سواءً كان في حياتهم أم بعد مماتهم.وكل هذا بالطبع خلاف الولاية في الإسلام التي تقوم على الدين والتقوى، وعمل الصالحات، والعبودية الكاملة لله والفقر إليه، وأن الولي لا يملك من أمر نفسه شيئاً فضلاً عن أنه يملك لغيره، قال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: {قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً} [الجن: 21]."أولياء الصوفية عند ابن تيمية في الفرقان" "موسوعة الرد على الصوفية"

مما جعلهم يغرقون في تفسير الولاية وتأويلها حسب أهوائهم وأحوالهم فتارة يرون أن الولاية لا تنقطع، وهذا صحيح، ولكن للولاية عندهم مفهوم مخالف لما اجتمع عليه الْمُسْلِمُونَ وما يُعَرِّفه به أهل السنة، وتارة يجعلون لها مفهوما محصورا بضوابط متعارفة بينهم باعتبارها حظاً يختصه الله ويصطفيه لمن يشاء لولايته، كما اصطفى من شاء لنبوته.

قال بعضهم: (الولي من كتب الله له الولاية وجعل له حظا، فبحظه من الله تعالى بقدر أن يتولاه كما أن النبوة لمن كتب له النبوة وجعل له حظا).

مما جعل مفهوم الولاية يأخذ الحيز الكبير في الفكر الصوفي بل تعداه ليكون أحد ركائزة وأساسياته وعليه المدار، قال أحد أئمتهم: (فاعلم أن أساس التصوف والمعرفة قائم على الولاية).

مما نتج عنه تطرف فكري وغلو فاحش حتى قال بعضهم: (طائفة المتصوفة صفوة أولياء الله، فضلهم على كافة عباده بعد رسله وأنبيائه) "الرسالة القشيرية".

ووصف آخر الأولياء بأنهم: (أجساد أرضية بقلوب سماوية وأشباح فرشية بأرواح عرشية، لأرواحهم حول العرش تطوف) "عوارف المعارف".

فهذه التصورات والفهوم للولي ومنزلة الولاية من أرباب التصوف وفلاسفته جعلت الحاجة للإيضاح تعظم والبيان يتوجب حتى نستطيع أن نضع الأمور في نصابها والحقائق في قوالبها من غير إفراط ولا تفريط.

أ- التعريف اللغوي:

الولي: مأخوذ من الولاية، والولاية: مصدر (وُلَيِ)، وهي بمعنى القرب، تقول: وَلِيَ كذا كذا: أي: قرب منه.

قال الفيروز آبادي رحمه الله: ((الولي) القرب والدنو والمطر بعد المطر، وليت الأرض بالضم. والولي الاسم منه المحب والصديق والنصير، وتولاه أي اتخذه وليا). "القاموس المحيط"

وقال الرازي رحمه الله: ((الولي ضد العدو. والموالاة ضد المعاداة والولاية بالكسر).

"مختار الصحاح"

وقال ابن فارس رحمه الله: (الولي: القرب، والولي: المطر يجيء بعد الموسمي).

"معجم مقاييس اللغة "

قال الراغب الأصفهاني رحمه الله: (الولاء والتوالي أن يحصل شيئان فصاعدا حصولا ليس بينهما ما ليس منهما ويستعار ذلك للقرب من حيث المكان ومن حيث النسبة ومن حيث الدين ومن حيث الصداقة والنصر والاعتقاد. والولاية: تولي الأمر. والولي والمولى يستعملان في ذلك كل واحد منهما يقال في معنى الفاعل أي الموالي، وفي معنى المفعول أي الموالى، يقال للمؤمن هو ولي الله عز وجل ولم يرد مولاه).

"غريب القرآن"

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير