تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال القرطبي في تفسيره (7/ 219 - 220):

قوله تعالى: (ثم استوى على العرش) هذه مسألة الاستواء، وللعلماء فيها كلام وإجراء.

وقد بينا أقوال العلماء فيها في الكتاب (الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى وصفاته العلى) وذكرنا فيها هناك أربعة عشر قولا.

والأكثر من المتقدمين والمتأخرين أنه إذا وجب تنزيه الباري سبحانه عن الجهة والتحيز فمن ضرورة ذلك ولواحقه اللازمة عليه عند عامة العلماء المتقدمين وقادتهم من المتأخرين تنزيهه تبارك وتعالى عن الجهة، فليس بجهة فوق عندهم، لأنه يلزم من ذلك عندهم متى اختص بجهة أن يكون في مكان أو حيز، ويلزم على المكان والحيز الحركة والسكون للمتحيز، والتغير والحدوث. هذا قول المتكلمين.

وقد كان السلف الأول رضي الله عنهم لا يقولون بنفي الجهة ولا ينطقون بذلك، بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله تعالى كما نطق كتابه وأخبرت رسله.

ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة.

وخص العرش بذلك لأنه أعظم مخلوقاته، وإنما جهلوا كيفية الاستواء فإنه لاتعلم حقيقته.

قال مالك رحمه الله: الاستواء معلوم - يعني في اللغة – والكيف مجهول، والسؤال عن هذا بدعة. وكذا قالت أم سلمة رضي الله عنها.

وهذا القدر كاف، ومن أراد زيادة عليه فليقف عليه في موضعه من كتب العلماء.

والاستواء في كلام العرب هو العلو والاستقرار. اهـ

وقال شيخ الإسلام في بيان تلبيس الجهمية لابن تيمية (2/ 333):

قال أبو عبد الله القرطبي صاحب التفسير الكبير في كتاب شرح الأسماء الحسنى بعد أن حكى كلام الحضرمي: هذا قول القاضي أبي بكر في كتاب تمهيد الأوائل له وقاله الاستاذ ابن فورك في شرح أوائل الأدلة وهو قول عمر بن عبد البر والطلمنكي وغيرهما من الأندلسيين وقول الخطابي في شعار الدين ثم قال بعد أن ذكر في الاستواء أربعة عشر قولا وأظهر الأقوال ما تظاهرت عليه الآي والأخبار والفضلاء الأخيار أن الله على عرشه كما أخبر في كتابه وعلى لسان نبيه بلا كيف بائن من جميع خلقه هذا مذهب السلف الصالح فيما نقل عنهم الثقاة. اهـ

الرازي يثبت العلو بفطرته في تفسير الفاتحة

مع أنه من أكابر النافين للعلو والإستواء الحقيقي إلا أن الله أنطقه تصريحا بهذه العقيدة الفطرية.

فقال في تفسيره عند سورة الفاتحة (1/ 223) مانصه:

وخسف بقارون فجعل الأرض فوقه، ورفع محمداً عليه الصلاة والسلام فجعل قاب قوسين تحته، وجعل الماء ناراً على قوم فرعون أغرقوا فأدخلوا ناراً، وجعل النار برداً وسلاماً على إبراهيم، ورفع موسى فوق الطور .. اهـ

ولاحظ قوله [ورفع محمدا] و [قاب قوسين تحته] والمراد بتحته أي تحت الله تعالى .. وأهل السنة لا يقولون بهذا التصريح .. وهو ما ينفيه الرازي جهده!! فياللعجب.

ثم اعجب منه بعد ذلك، قال في سورة النجم (14/ 399) في قوله تعالى (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى):

أي فتدلى إليهم بالقول اللين والدعاء الرفيق .. وعلى هذا ففي الكلام كمالان كأنه تعالى قال إلا وحي يوحي جبريل على محمد، فاستوى محمد وكمل فدنا من الخلق بعد علوه وتدلى إليهم وبلغ الرسالة والثالث: وهو ضعيف سخيف، وهو أن المراد منه هو ربه تعالى وهو مذهب القائلين بالجهة والمكان، اللّهم إلا أن يريد القرب بالمنزلة، ... ، وههنا لما بيّن أن النبي صلى الله عليه وسلم استوى وعلا في المنزلة العقلية لا في المكان الحسي قال وقرب الله منه تحقيقاً لما في قوله «من تقرب إليّ ذراعاً تقربت إليه باعاً». اهـ

وقال في قوله تعالى (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى): أي بين جبرائيل ومحمد عليهما السلام مقدار قوسين أو أقل ... فارتفع النبي صلى الله عليه وسلم حتى بلغ الأفق الأعلى من البشرية وتدلى جبريل عليه السلام حتى بلغ الأفق الأدنى من الملكية فتقاربا ولم يبق بينهما إلا حقيقتهما .. اهـ

محاولات قديمة لنفي العلو:

ذكر الإمام البيهقي في الأسماء والصفات (2/ 314) حكايتان عن ابن الأعرابي [وهو أبو عبد الله محمد بن زياد الأعرابي اللغوي صاحب النحو]

الأولى: قال ابن الأعرابي:

قال لي أحمد بن أبي دؤاد [هو الجهمي]: يا أبا عبد الله، يصح هذا في اللغة، ومخرج الكلام: الرحمن علا من العلو، والعرش استوى؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير