تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

متى ثبت النقل عنه بشيء من أوصافه وأسمائه قبلناه واعتقدناه وسكتنا عما عداه كما هو طريق السلف وما عداه لا يأمن صاحبه من الزلل ويكفي في الردع عن الخوض في طرق المتكلمين ما ثبت عن الأئمة المتقدمين كعمر بن عبد العزيز ومالك بن أنس والشافعي وقد قطع بعض الأئمة بأن الصحابة لم يخوضوا في الجوهر والعرض وما يتعلق بذلك من مباحث المتكلمين فمن رغب عن طريقهم فكفاه ضلالا ..

قال: وأفضى الكلام بكثير من أهله إلى الشك وببعضهم إلى الإلحاد وببعضهم إلى التهاون بوظائف العبادات وسبب ذلك اعراضهم عن نصوص الشارع وتطلبهم حقائق الأمور من غيره وليس في قوة العقل ما يدرك ما في نصوص الشارع من الحكم التي استأثر بها وقد رجع كثير من أئمتهم عن طريقهم حتى جاء عن امام الحرمين انه قال ركبت البحر الأعظم وغصت في كل شيء نهى عنه أهل العلم في طلب الحق فرارا من التقليد والآن فقد رجعت واعتقدت مذهب السلف هذا كلامه أو معناه وعنه انه قال عند موته يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام فلو عرفت انه يبلغ بي ما بلغت ما تشاغلت به.

إلى ان قال القرطبي: ولو لم يكن في الكلام الا مسئلتان هما من مبادئه لكان حقيقا بالذمإحداهما قول بعضهم ان أول واجب الشك إذ هو اللازم عن وجوب النظر أو القصد إلى النظر واليه أشار الامام بقوله ركبت البحر.

ثانيتهما قول جماعة منهم ان من لم يعرف الله بالطرق التي رتبوها والأبحاث التي حرروها لم يصح ايمانه حتى لقد أورد على بعضهم ان هذا يلزم منه تكفير أبيك وأسلافك وجيرانك فقال لا تشنع علي بكثرة أهل النار قال وقد رد بعض من لم يقل بهما على من قال بهما بطريق من الرد النظري وهو خطأ منه فان القائل بالمسألتين كافر شرعا لجعله الشك في الله واجبا ومعظم المسلمين كفارا حتى يدخل في عموم كلامه السلف الصالح من الصحابة والتابعين وهذا معلوم الفساد من الدين بالضرورة والا فلا يوجد في الشرعيات ضروري.

وختم القرطبي كلامه بالاعتذار عن اطالة النفس في هذا الموضع لما شاع بين الناس من هذه البدعة حتى اغتر بها كثير من الأغمار فوجب بذل النصيحة والله يهدي من يشاء. انتهى

6 - اختلافهم في حجية العقل وتقديمه على النقل

ذهب الرازي في كثير من كتبه كمعالم أصول الدين وأساس التقديس ومحصل الأفكار:

الى تقديم الدليل العقلي على الأدلة الشرعية وحجته أن العقل أصلٌ في إثبات الشرع فإذا خالف الدليل الشرعي الدليلُ العقلي وجب تقديم الدليل العقلي عليه ووجب تأويل الدليل الشرعي بما يوافق الدليل العقلي.

وذهب الغزالي في قانون التأويل الى أن العقل حاكم لايكذَّب قط، وأن من كذَّب العقلَ فقد كذّّب الشرع. ولولا صدق العقل لما عُرِف النبُي من المتنبي.

وزاد تهافت المتأخرين على تقديم العقل على النقل حتى قال الإيجي في المواقف بأن أدلة الكتاب والسنة في إفادتها لليقين في العقليات نظر.

وقال الآمدي في غاية المرام في علم الكلام: أن دلالة الكتاب والسنة تتقاصر عن إفادة القطع.

وكلامه في هذا كثير يتناقلونه عن بعضهم آخذين به من المعتزلة قبلهم عاضين عليه بالنواجذ وكأنه وحي أوحي إليهم .. ولأنه كذب في اصله مردود شرعا وعقلا، فوجد الكثير منهم من رده وعابهم على هذا.

قال أبو بكر الباقلاني في الإنصاف (1/ 3):

وأن يعلم: أن طرق المباين عن الأدلة التي يدرك بها الحق والباطل خمسة أوجه: كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة وما استخرج من هذه النصوص وبنى عليها بطريق القياس والاجتهاد وحجج العقول.

فجعله في المرتبة الأخيرة بعد القرآن والسنة والاجماع والقياس، وهو الحق.

واعترف الماتريدي في التوحيد (183) بقصور العقل وأنه مخلوق له حد كغيره من وسائل الإدراك يعترضه ما يعترض غيره من الآفات مع غموض الأشياء واستغلاقها.

في حين أنه يقول عن العقل: والعقل سبيل معرفة حجة الرسل ... والعقل سبيل إدراك معنى أوامر الله .. والعقل إنما هو لإدراك العواقب، والعقل سبيل شكر المنعم. الخ

فأي تخبط واختلاف بعد هذا؟

ألم يخالف الأشعرية والماتريدية إماميهما الشافعي وأبي حنيفة في هذا؟

فقد نص الشافعي فيما نقله الذهبي في سير أعلام النبلاء (10/ 80) على أن العلم بالصفة قبولاً وردّاً وتأويلاً مما لا يُدرَكُ بالعقل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير