فنهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن كثرة السؤال فيما سكت الله عنه (كما فعل بنو اسرائيل مع موسى في قصة البقرة مثلا)، لأن هذا السؤال يؤدي إلى الاختلاف، وهذا ما شهدناه فيما جره الاجتهاد والقياس من خلاف تبعه تفريق الأمة إلى مذاهب و شيع، و دل الأثر كذلك على أن كل ما لم يوجبه الرسول فهو غير واجب، وكل ما لم يحرمه فهو حلال.
فكيف يقول أصحاب الاجتهاد والقياس بعد هذا أنه يجوز لهم تحريم أو إيجاب ما لم يرد فيه نص أو وضع حكم شرعي له؟
ـ[المقاتل 7]ــــــــ[07 - 07 - 04, 06:51 م]ـ
تفنيد أدلة من قال بجواز الرأي و القياس في الدين
لعل أبرز الأدلة التي استدل بها أصحاب الرأي و القياس هو حديث معاذ بن الجبل حيث روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له لما أرسله إلى اليمن (بم تحكم؟ قال بكتاب الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: فبسنة رسول الله، قال: فإن لم تجد؟ قال أجتهد رأيي ولا آلو. قال – في الحديث-: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يحب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
هذا الحديث ضعيف السند،لأنه مرسل و في سنده مجهول هو الحارث بن عمرو
و قد فصل الألباني الكلام في هذا الحديث و بين أنه منكر أيضا فقال:
فيجب أن نعلم أن هذا الحديث لا يصح من حيث إسناده عند علماء الحديث تنصيصا وتفريعا، وأعني بالتنصيص: أن كثيرا من علماء الحديث قد نصوا على ضعف إسناد هذا الحديث، كالإمام البخاري إمام المحدثين وغيره، وقد جاوز عددهم العشرة من أئمة الحديث قديما وحديثا، من أقدمهم الإمام البخاري فيما أذكر، ومن آخرهم الإمام ابن حجر العسقلاني، وما بينهما أئمة آخرون، كنت ذكرت أقوالهم في كتابي " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السئ في الأمة " فمن أراد البسط والتفصيل رجع إليه، الشاهد أن هذا الحديث لا يصح بتنصيص الأئمة على ذلك، وأيضا كما تدل على ذلك قواعدهم، حيث أن هذا الحديث مداره على رجل معروف بالجهالة، أي: ليس معروفا بالرواية، فضلا عن أن يكون معروفا بالصدق، فضلا عن أن يكون معروفا بالحفظ، كل ذلك مجهول عنه، فكان مجهول العين، كما نص على جهالته الإمام النقاد الحافظ الذهبي الدمشقي في كتابه العظيم المعروف " بميزان الاعتدال في نقد الرجال "
فهذا الحديث إذا عرفتم أنه ضعيف عند علماء الحديث تنصيصاً وتفريعاً كما ذكرنا، فيجب بهذه المناسبة أن نذكر لكم أنه منكر أيضاً من حيث متنه، وذلك يفهم من بياني السابق، لكن الأمر أوضح في هذا الحديث بطلاناً مما سبق بيانه، من وجوب الرجوع إلى السنة مع القرآن الكريم معاً.
ذلك لأنه صنف السنة بعد القرآن، وبعد السنة الرأي، فنزل منزلة السنة إلى القرآن، ومنزلة الرأي إلى السنة.
فمتى يرجع الباحث أو الفقيه إلى الرأي؟
إذا لم يجد السنة.
ومتى يرجع إلى السنة؟
إذا لم يجد القرآن.
هذا لا يستقيم إسلامياُ أبداً، ولا أحد من أئمة الحديث والفقه يجري على هذا التصنيف الذي تضمنه هذا الحديث. "بم تحكم؟ قال: بكتاب الله فان لم تجد؟ قال: فبسنة رسول الله.
وينبغي أن نقرب نكارة متن هذا الحديث ببعض الأمثلة ولو كان مثالاً واحداً حتى لا نطيل.
كلنا يعلم قول الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم (حرمت عليكم الميتة والدم) الآية لو أن سائلاً سأل فقيهاً يمشي على التصنيف المذكور في حديث معاذ عن ميتة البحر، نظر في القرآن فوجد الجواب في هذه الآية الصريحة (حرمت عليكم الميتة والدم) فسيكون جوابه إذا ما اعتمد على هذه الآية: أنه يحرم أكل ميتة السمك، كذلك إذا سئل عن الكبد والطحال؟ سيقول أيضاً: حرام " لأنه معطوف على الميتة (حرمت عليكم الميتة والدم) فالكبد والطحال دم، فإذاً سيكون حكمه بناء على اعتماده على هذه الآية الكريمة وحدها غير إسلامي؟ ذلك لأن الإسلام كما ذكرت آنفاً ليس هو القرآن فقط بل القرآن والبيان، القرآن والسنة. فماذا كان بيان الرسول عليه السلام فيما يتعلق بهذه الآية الكريمة؟
لقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد فيه كلام، ولكنه صح عن ابن عمر موقوفاً، وكما يقول علماء الحديث: هو في حكم المرفوع؟ لأن لفظه (اُحلت لنا ميتتان ودمان: الحوت والجراد، والكبد والطحال) [سلسلة الأحاديث الصحيحة (1118)] كذلك بالإضافة إلى هذا الحديث، وفيه التصريح بإباحة بعض الميتة وبعض الدم.
ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[07 - 07 - 04, 07:25 م]ـ
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة المقاتل 7
الكتاب والسنة فيهما ما يكفي لإصلاح أمر الدين دون الحاجة إلى أي زيادة عليهما باجتهاد أو رأي أو قياس، و الدين قد اكتمل يوم أن نزل قوله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم)
تعليق:
أخي الفاضل ألا ترى معي أن من إكمال الدين أن يُشرع للفقيه أن يجتهد فيما لم يجد فيه نصاً.
هكذا ـ أخي الحبيب ـ فهم الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ، ولذا نقلت عنهم اجتهاداتٌ كثيرة، قالوا فيها برأي صحيح، وقد بسط ابن القيم ـ رحمه الله ـ الكلام في المسألة في الإعلام.
¥