تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويعرفه غير الإمام ابن حزم بقوله: اسْتِفْراغُ الفقيه وُسْعَهُ في طَلَبِ العِلْمِ بالأحكام الشَّرعيَّةِ بطريقِ الاستنباط من أدلَّةِ الشَّرْعِ.

قال العلامة الشيخ عبدالله بن يوسف الجديع في كتابه الموسوم ب " تيسير علم أصول الفقه " (ص/ 377ـ 378):

" لمَّا كان الاجتهاد تنزيلاً للقواعد والعُمومات الشرعية على المسائل المُعيَّنَةِ بنظر المُجْتَهِدِ، فإنه مهما قويت ملكَتُهُ وقُدْرَتُهُ فقوله غيرُ معصومٍ، فيجوز عليه الخطاُ، ومن أجل هذا وقع الاختلافُ بينَ الفقهاءِ، إلَّا أنه لَما كان قصدُ المجتهدِ إصابة الحقِّ من الدين، كان خطؤهُ مغفوراً، بل لجلالة قدْرِ الاجتهاد فإنه لمْ يُجازَ بمُجرَّدِ العُذْرِ في الخطإِ، إنما أُثيبَ على ما بذل من الجهد في الاجتهاد، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا حكم الحاكِمُ فاجْتَهَدَ ثُمَّ أصاب فلهُ أجرانِ، وإذا حَكَمَ فاجتهدَ ثُمَّ أخطَأ فلهُ أجرٌ " (متفق عليه عن عمرو بن العاص وأبي هريرة).

ومن لازِم هذا: ضرورة استمرار طَلَبِ الحقِّ في المسائِلِ المُخْتَلَفِ فيها حِرْصاً على إصابَةِ وجْهِه، فإن الحق واحدٌ لا يتعددُ ولا يمكنُ أن يُرادَ في حُكْمِ الله وَرَسولِهِ صلى الله عليه وسلم القولان المُخْتلِفانِ.

ومِن لا زِمِهِ أيضاً: بُطلان العصبية للمذاهِبِ الفقهيةِ، وامتناعُ ظَنِّ العِصْمَةِ لأحدٍ من الفقهاءِ "

* ما يمتنع فيه الاجتهاد:

فالقضايا والأحكام التي قطعت فيها النصوص فالأصل فيها التوقف عند النص من غير زيادةٍ ولا استدراك ولا وجْهٍ من التغيير، وعليه فيخرج من الاجتهاد أمورٌ، هي:

1ـ العقائد، فهي كلها توقيفية، ولهذا امتنع اشتقاق الأسماء الحُسنى من صفات الأفعال، فإن الله تعالى هُو الذي سمَّى نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بما شاء من الأسماء، فلا يسمى الله تعالى: راضياً ولا ساخطاً ولا غاضباً ولا ماكراً ولا مهلكاً، ولا غير ذلك من الأسماء اشتقاقاً من صفات فعله: الرِّضى، والسخط، والغضب، والمكر، والإهلاك.

2ـ المقطوع بحكمه ضرورة، وهو ما انعقد إجماعُ الأمة عليه، كفرض الصلاة والزكاة والصيام والحج، وحرمة الزنا واسرقة وشرب الخمر وقتل النفس بغير الحق، فإن هذه وشِبْهُها شرائع أُحكِمَتْ على ما عُلِمَ للكافة من أحكامِها، لا تقبلُ الاستنباط في هذا الجانب المعلوم منها.

3ـ المقطوع بصحة نقله ودلالته، كألفاظِ الخاصِّ التي هي نصوص قطعية ٌ على ما وردتْ به، مثل تحديد عددِ الجلداتِ في الزنا والقذف، وفرائض الورثة، ونحو ذلك.

وهذه الأنواع هي التي يُقالُ فيها: (لا اجتهاد في موضع النصِّ) المراد به النص القطعي في ثبوته ودلالته، لا مطلق النص.

* ما يجوز فيه الاجتهاد:

جميع ما لا يندرج تحت صُورَةٍ من الثلاثِ المتقدمة فإنه يسوغ فيه الاجتهاد، وهو يعود في جملته إلى صورتين:

1ـ ما ورد فيه النص الظَّنِّيُّ:

وحيث أن الظنية واردةٌ على النقل والثبوت في نصوص السنة خاصةً، وعلى الدَّلالةِ على الحكم في نصوص الكتاب والسنة جميعاً، فمجال الاجتهاد في الأمر الأوَّل أن يبذل المجتهد وسعه للوصول إلى ثُبوتِ الخبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم بما يُزيل الشُّبْهَةَ في بِناءِ الأحكام على الأحاديث الضعيفة، فلا يبني ويُفَرِّعُ على الحديث قبل العلم بثبوته.

ومجال الاجتهاد في الأمر الثاني وهو دلالة النص على الحُكْمِ، فذلك بالنظر إلى ما يدلُّ عليه ذلك النص من الأحكام، وهنا يأتي دور (قواعد الاستنباط) فيتبين المجتهد ما أُريدَ بالعامِّ في هذا الموضع هل هو باقٍ على شمولهِ جميع أفراده أم خُصِّصَ، والمُطْلَقُ؛ هل هو باق على إطلاقه أم قيدَ، والمشتركُ، ما السبيل إلى ترجيح المعنى المُراد، والأمرُ والنهي؛ هل هُما في هذا النص على الأصل في دلالتِهما أم مصروفان عنها، وهكذا في سائر القواعِدِ.

2ـ ما لا نصَّ فيه:

عند أهل الظاهر يقولون: نعم توجد وقائع غير منصوص عليها لا بالاسم ولا بالوصف، ولكن حكمها منصوص عليه بوصف " ماسكت عنه الشرع " وهو الإباحة، فلا يجوز أن نبتغي حكماً غير ذلك. وغير أهل الظاهر يقولون: وهذا يستعمل فيه المجتهد قواعد النظر، كالقياس، والمصالح المرسلة .. كلًّا بأصوله، ليصل إلى استفادة الحُكم في الواقعة النازلة.

* قال مبارك: السؤال عن الدليل الشرعي للعمل به هو " اجتهاد " ولكنه دون الباحث عن هذه الأدلة من مظانها المختلفة القريب منها والبعيد. فكل المسلمين مجتهدون ولكن كلٌ على قدر طاقته. انظر " الإحكام في أصول الأحكام " (6/ 151ـ 152) للإمام ابن حزم ـ رحمه الله ـ

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أسرار البلاغة (ص/ 363).

ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[13 - 08 - 04, 12:49 ص]ـ

الاخ الكريم أبو داود.

اولا: كنت أظن أنكم (مقاتل) وسبب ذلك أنكم أتممت نقل الادلة. فالمعذرة.

ثانيا: قلتم حفظكم الله تعالى:

(فإن كان للنص علة فقد بينها الله في كتابه أو في وحيه و إلا فلا). أهـ

السؤال بارك الله فيكم: أذا نص الخالق الحكيم في كتابه أو من لفظ رسوله على ان هذا الحكم وقع لاجل هذه العلة، بأحرف التعليل الصريحة أو كلمات التعليل المعلومة.

فهل تفهم منه أنه لولا وجود هذه العلة لما كان هذا الحكم كقوله تعالى (من أجل ذلك) او قوله صلى الله عليه وسلم (أنما الاستئذان من أجل البصر).

وبارك الله فيكم و وفقكم لكل خير.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير