وهذا الكلام للشيخ ابن عثيمين رحمه الله ليس فيه دلالة على اعتبار المغمس من المواضع المنهي عن الجلوس بها
فقد رجح الشيخ رحمه الله أن وادي محسر ليس من المغمس بل هو من منى كما ورد في حديث جابر عند مسلم، فعلى هذا لايكون هناك دلالة من إسراع النبي صلى الله عليه وسلم في وادي محسر على أنه موضع عذاب فقد يكون لأمر آخر كما ذكر العلماء.
وكذلك فقد وقع عذاب الله للمشركين في المعارك في بدر وغيرها وأنزل الله الملائكة وعذب الذين كفروا في هذه الأمكنة، ومع ذلك لم يكن هناك نهي عن الدخول في هذه الأماكن التي عذب الله فيها الكفار
فالمقصود بالنهي في الحديث هو الدخول في ديار الذين ظلموا أنفسهم وعذبهم الله بها مثل ديار ثمود ونحوها
والمغمس ملاصقة لحدود عرفة ومزدلفة ومنى ومع ذلك لم ينهى النبي صلى الله عليه وسلم الحجاج من الدخول بها مع وجود الداعي لذلك، وقد جاء أن عبدالله بن عمرو كان في يأتي للجمعة من المغمس
وقد جاء في حديث أخرجه الطبراني في الكبير والأوسط وأبو يعلي في المسند وغيرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذهب إلى المغمس لقضاء حاجته لأنها خارج الحرم، وفيه غرابة!
ولم أقف على قول لأحد من أهل العلم يمنع من دخول المغمس،فالقول بالمنع من دخول المغمس قول غريب وليس عليه دليل واضح، والله أعلم.
فوائد عن المغمس وحدودها
قال ابن دهيش في تعليقه على أخبار مكة للفاكهي (4/ 168)
المغمس: هو السهل الفسيح الواسع الذي يبدأ من أرض الصفاح والشرائع العليا (حنين) إلى سهل عرفات، بل إن سهل عرفات كله ما هو إلا امتداد لأرض المغمس، ويقع في وسط أرض المغمس وادي عرنة، وشق الآن طريق مزفت يصل بين عرفات وبين طريق الطائف على السيل، طوله حوالي 15 كم إذا سلكته تكون قد توسطت أرض المغمس) انتهى
وقال ياقوت في معجم البلدان
المغمس: بالضم ثم الفتح، وتشديد الميم وفتحها، اسم المفعول من غمست الشئ في الماء إذا غيبته فيه:
موضع قرب مكة في طريق الطائف، مات فيه أبو رغال وقبره يرجم لانه كان دليل صاحب الفيل فمات هناك،
قال أمية بن أبي الصلت الثقفي يذكر ذلك:
إن آيات ربنا ظاهرات * ما يماري فيهن إلا الكفور
حبس الفيل بالمغمس حنى * ظل يحبو كأنه معقور
كل دين يوم القيامة عند ال * له إلا دين الحنيفة بور
وقال نفيل: ألا حييت عنا يا ردينا، * نعمناكم مع الاصباح عينا
رديعة لو رأيت، ولن تريه، * لدى جنب المغمس ما رأينا
إذا لعذرتني ورضيت أمري، * ولن تأسي على ما فات بينا
حمدت الله أن أبصرت طيرا، * وخفت حجارة تلقى علينا
وكل القوم يسأل عن نفيل، * كأن علي للحبشان دينا
قال السهيلي: المغمس، بضم أوله، هكذا لقيته في نسخة الشيخ أبي بحر المقيدة على أبي الوليد القاضي بفتح الميم الاخيرة من المغمس، وذكر السكري في كتاب المعجم عن ابن دريد وعن غيره من أئمة اللغة أن المغمس، بكسر الميم الاخيرة، فإنه أصح ما قيل فيه، وذكر أيضا أنه يروى بالفتح، فعلى رواية الكسر هو مغمس مفعل كأنه اشتق من الغميس وهو الغميز يعني النبات الاخضر الذي ينبت في الخريف من تحت اليابس، يقال: غمس المكان وغمز إذا نبت فيه ذلك، كما يقال مصوح ومشجر، وأما على رواية الفتح فكأنه من غمست الشئ إذا غطيته وذلك أنه مكان مستور إما بهضاب وإما بعضاه، وإنما قلنا هذا لان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لما كان بمكة كان إذا أراد حاجة الانسان خرج إلى المغمس وهو علي ثلثي فرسخ من مكة، كذلك رواه أبو علي بن السكن في كتاب السنن له، وفي السنن لابي داود: أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كان إذا أراد التبرز أبعد، ولم يبين مقدار البعد وهو مبين في حديث ابن السكن، ولم يكن، صلى الله عليه وسلم، ليأتي المذهب إلا وهو مستور متحفظ، فاستقام المعنى فيه على الروايتين جميعا، وقد ذكرته في رغال، وقال ثعلبة بن غيلان الايادي يذكر خروج إياد من تهامة ونفي العرب إياها إلى أرض فارس:
تحن إلى أرض المغمس ناقتي، * ومن دونها ظهر الجريب وراكس
بها قطعت عنا الوذيم نساؤنا، * وغرقت الابناء فينا الخوارس
إذا شئت غناني الحمام بأيكة، * وليس سواء صوتها والعرانس
تجوب من الموماة كل شملة * إذا أعرضت منها القفار البسابس
فيا حبذا أعلام بيشة واللوى، * ويا حبذا أجشامها والجوارس!
أقامت بها جسر بن عمرو وأصبحت * إياد بها قد ذل منها المعاطس
وفي معجم ما استعجم للبكري الأندلسي ج 4 ص 1248:
(المغمس) *
بضم أوله، وفتح ثانيه، بعده ميم أخرى مشددة مكسورة، وسين مهملة: موضع في طرف الحرم، وهو الموضع الذي ربض فيه القيل حين جاء به أبرهة، فجعلوا ينخسونه بالحراب، فلا ينبعث، حتى بعث الله عليهم طيرا أبابيل فأهلكتهم.
قال أبو الصلت الثقفى:
حبس الفيل بالمغمس حتى * ظل يحبو كأنه معقور
وقال طفيل الغنوى:
ترعى منابت وسمى أطاع لها * بالجزع حيث عصى أصحابه الفيل
وقال ابن أبي ربيعة:
ألم تسأل الاطلال والمتربعا * ببطن حليات دوارس بلقعا *
إلى السرح من وادى المغمس بدلت * معالمه وبلا ونكباء زعزعا
هكذا رواه أبو على في شعر ابن أبى ربيعة: المغمس، بفتح الميم. ونقلته من كتابه الذى بخط ابن سعدان. وروان أبو على عن أبي بكر ابن دريد في شعر المؤرق الهذلى: المغمس بالكسر، قال المؤرق. غدرتم غدرة فضحت أباكم * ونتقت المغمس والظرابا ورواه السكرى وثبتت المغمس، بكسر الميم أيضا.
¥