تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأشار الدكتور عمر عبد العزيز، حفظه الله، في كتابه، أصول الفرق الإسلامية، إلى منهج الأشاعرة والماتريدية، في التعامل مع أخبار الأحاد، حيث قال: بأن الأشاعرة، ساروا على منهج، عدم الإحتجاج بأخبار الآحاد، في العقائد، إلا في السمعيات (وهي المغيبات من أمور الآخرة، وعذاب القبر ونحو ذلك)، وما لا يعارض العقل، وهذا فرع عن أصلهم الفاسد في تقديم العقل على النص، عند حدوث التعارض، بل وقدم بعضهم ممن تلبس ببدعة التصوف، كالغزالي رحمه الله، الكشف والذوق على النص، ويعلق الدكتور عمر حفظه الله بقوله: ولا يخفى ما في هذا من البطلان والمخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة، وإلا ما الفائدة من إرسال الرسل، وإنزال الكتب.

وأشار، حفظه الله، إلى منهج الماتريدية، في التعامل مع أخبار الآحاد، في موضع آخر من كتابه، حيث قال بأن أحاديث الآحاد، عندهم تفيد الظن، ولا تفيد العلم اليقين، ولا يعمل بها في الأحكام الشرعية مطلقا بل وفق قواعدهم وأصولهم التي قرروها، وأما في العقائد فإنه لا يحتج بها، ولا تثبت بها عقيدة، وإن اشتملت على جميع الشروط المذكورة في أصول الفقه، وإن وردت مخالفة للعقل، ولا تحتمل التأويل، ردت بإفتراء نقلتها أو سهوهم أو غلطهم، وإن كانت ظاهرة، فظاهرها غير مراد، حتى أن الكوثري، ومن وافقه من الديوبندية طعنوا في كتب السنة بما فيها الصحيحين، وطعنوا في عقيدة أئمة السنة، من أمثال: حماد بن سلمة رحمه الله، راوي أحاديث الصفات، والإمام الدارمي رحمه الله، صاحب السنن. اهـ، فهم كما يظهر من حالهم، أشد تطرفا من الأشاعرة، بل يكاد حالهم أن يماثل حال المعتزلة.

ولم يكن الخلاف في الإحتجاج بأحاديث الآحاد، مقتصرا على الفرق العقائدية، وإنما سرى الخلاف إلى المذاهب الفقهية، كما ظهر من شروط الماكية والأحناف رحمهم الله لقبول سنة الأحاد، وقد أشار إليها الدكتور عبد الكريم زيدان في كتابه "الوجيز"، فقال ما ملخصه:

أولا: شروط المالكية، رحمه الله، لقبول خبر الآحاد:

¨ أن لايكون مخالفا لعمل أهل المدينة، لأن عمل أهل المدينة، عندهم بمثابة السنة المتواترة، كما هو معروف من أصول مذهبهم، والمتواتر يتقدم على خبر الآحاد، وعلى هذا الأساس لم يأخذ الإمام مالك رحمه الله، بحديث: (البيعان بالخيار …)، فقد قال رحمه الله: ليس عندنا حد معروف، ولا أمر معمول به. اهـ، ومما يلفت النظر، أن مالك رحمه الله، خرج هذا الحديث في موطئه، رغم عدم أخذه به، وقال بأن الفرقة المقصودة، في قوله صلى الله عليه وسلم: (مالم يتفرقا)، هي الفرقة اللفظية، أي بمجرد التلفظ بالإيجاب والقبول، وليست الفرقة الجسدية، أي (الإنصراف من مجلس العقد، كما قال الجمهور)، والله أعلم.

¨ أن لا يخالف خبر الآحاد الأصول الثابتة والقواعد المرعية في الشريعة، وعلى هذا الأساس، لم يأخذوا بحديث المصراة، وفيه: (لا تصروا الإبل والغنم، ومن ابتاعها فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها، إن شاء أمسك، وإن شاء ردها وصاعا من تمر)، لأن هذا الخبر، في نظرهم، قد خالف أصل: (الخراج بالضمان)، وأصل: (إن متلف الشيء إنما يغرم مثله إن كان مثليا، وقيمته إن كان قيميا)، فلا يضمن في إتلاف المثلي جنس غيرم من طعام أو عروض، وقد رد ابن القيم رحمه الله، عليهم في أعلام الموقعين، فقال ما ملخصه: إن هذا الحديث غير مخالف للأصول، التي قالوها، فقاعدة (الخراج بالضمان)، لا تعمل هنا، لأن اللبن المصرى لم يحدث بعد الشراء، وإنما كان قبله، فليس هذا من قبيل الغلة التي تحدث عند المشتري حتى يستحقه، وقاعدة الضمان، لا تعمل هنا أيضا، لتعذر معرفة مقدار اللبن الحادث عند المشتري لإختلاطه باللبن الذي كان قبل الشراء، فلا يمكن الضمان بالمثل، وإنما صار الرد بصاع من تمر لأن التمر أقرب المثليات إلى اللبن، بجامع أن كلا منهما مكيل، ومطعوم، ومقتات، فأين المخالفة للقياس والأصول؟

ثانيا: شروط الأحناف رحمهم الله، لقبول خبر الآحاد:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير