تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[المسيطير]ــــــــ[17 - 11 - 06, 06:18 ص]ـ

غسل الملابس المتنجسة بالبخار

لفضيلة الشيخ / عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل حفظه الله

السؤال:

ما حكم الملابس التي ترد من بلاد غير المسلمين. هل يجوز للمسلم استعمالها، والصلاة فيها بدون غَسل أو لا بُدَّ من غسلها؟ وإذا كان لا بد من غسلها فهل يجزئ غسلها بالبخار أم لا؟

الجواب:

هذا السؤال ذو شقين:

الأول: هل يجوز استعمالها بدون غسل أم لا بد من غسلها؟.

والثاني: هل يجزئ غسلها بالبخار أم لا؟.

فأما الشق الأول، فجوابه:

أنه يجوز استعمالها بدون غسل. قال في «كشاف القناع عن متن الإقناع» (1): ولا يجب غسل الثوب المصبوغ في حُبِّ الصبَّاغ مسلمًا كان الصبّاغ أو كافرًا نصًّا.

قيل للإمام أحمد عن صبغ اليهود بالبول، فقال: المسلم والكافر في هذا سواء، ولا يسأل عن هذا، ولا يبحث عنه، فإن علمت نجاسته فلا تُصَل فيه حتى تغسله، وإذا علمت نجاسته فإنه يطهر بالغسل المعتبر، ولو بقي اللون بحاله.

الشق الثاني من السؤال:

هل يجزئ غسل النجاسة بالبخار أم لا؟.

وهذا سؤال مهم، ويحتاج إلى جواب مفصل.

والظاهر أنكم تقصدون البخار الناري الممزوج بسائل يلطف حرارة النار وينفذ بين مسام الثياب ونحوها؛ حتى يحصل بذلك إزالة الأوساخ والنجاسات العالقة بالملابس وغيرها.

وعلى هذا فلا يخلو هذا السائل:

إما أن يكون ماء طهورًا، فهذا يحصل به التطهير إذا زالت عين النجاسة ولم يبق لها أثر في اللون والرائحة وغيرها.

وإما أن يكون السائل نجسًا، فهذا لا يزيد النجاسة إلا تلوثًا.

وإما أن يكون ماءً مختلطًا بشيء من الطاهرات كالخل وعصير الأشجار، وما يخرج من الأرض كالكيروسين وغيره من مشتقات البترول، وغير ذلك.

إذا عرف هذا فإزالة النجاسات من قسم التروك الذي لا يحتاج إلى نية.

لكن هل يشترط لها الماء الطهور أم لا؟ وهل إذا أزيلت بغير الماء الطهور يزول حكمها كليًّا أم لا؟.

وهذه المسألة مما اختلف فيه أهل العلم:

فالمشهور من المذهب اشتراط الماء الطهور.

والقول الآخر أنها إذا أزيلت بأي مائع مطهر ولم يبق للنجاسة أثر - من لون ولا ريح ولا غيره- أنها تطهر بذلك، كما اختاره شيخنا عبد الرحمن السعدي.

وهذا هو الأصح دليلاً، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه اللَّه- قال في «الاختيارات» (2): وتطهر النجاسة بكل مائع طاهر يزيل، كالخل ونحوه، وهو رواية عن الإمام أحمد، اختارها ابن عقيل، وهو مذهب الحنفية.

وقال في موضع آخر «الاختيارات» (3): وتجوز طهارة الحدث بكل ما يسمى ماء، وبمعتصر الشجر.

قاله ابن أبي ليلى و الأوزاعي والأصم وابن شعبان. وبالمتغير بطاهر، وهو رواية عن الإمام أحمد، ومذهب أبي حنيفة. انتهى.

والقول الأول هو المشهور من المذهب، وقد ترجم عليه شيخ المذهب في وقته مجد الدين بن تيمية المتوفى سنة (621 هـ) في كتابه المشهور «المنتقى»، فقال: باب تعين الماء لإزالة النجاسة: عن عبد اللَّه بن عمرو، أن أبا ثعلبة قال: يا رسول اللَّه، أفتنا في آنية المجوس إذا اضطررنا إليها؟ قال: «إذا اضطررتم إليها فاغسلوها بالماء، واطبخوا فيها». رواه أحمد (4).

وعن أبي ثعلبة الخشني أنه قال: يا رسول اللَّه، إنا بأرض أهل الكتاب فنطبخ في قدورهم ونشرب في آنيتهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «إن لم تجدوا غيرها فارحضوها بالماء». رواه الترمذي (5)، وقال: حسن صحيح.

والرحض: الغسل.

وذكر أيضًا حديث أسماء بنت أبي بكر قالت: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقالت: إحدانا يصيب ثوبَها من دم الحيضة، كيف تصنع؟ فقال: «تَحُتُّه، ثم تقرصه بالماء، ثم تنضحه، ثم تصلي فيه». متفق عليه (6).

قال الشارح، محمد بن علي الشوكاني، في «نيل الأوطار» (7): وقد استدل المصنف - رحمه اللَّه- بما ذكره في الباب، على أنه يتعين الماء لإزالة النجاسة، وكذلك فعل غيره.

ولا يخفاك أن مجرد الأمر به لإزالة خصوص هذه النجاسة لا يستلزم أنه يتعين لكل نجاسة، فالتنصيص عليه في هذه النجاسة الخاصة لا ينفي إجزاء ما عداه من المطهرات فيما عداها، فلا حصر على الماء، ولا عموم باعتبار المغسول، فأين دليل التعين المُدعى؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير